إطلاق الكتاب التفاعلي.. هل يسهم في بناء نظام تعليمي متطور؟ 

الثورة – لينا شلهوب:

في زمن تتسارع فيه خطوات التحول الرقمي وتزداد الحاجة إلى مواكبة ثورة التكنولوجيا والمعرفة، أعلنت وزارة التربية والتعليم عن إطلاق النسخة الرقمية من الكتاب التفاعلي، في خطوة رائدة تستهدف تعزيز التعلم الرقمي وتنمية مهارات التفكير العليا، ليس فقط للطلاب داخل سورية، بل أيضاً لأولئك المنتشرين في بلدان الاغتراب.

وبيّن مدير مركز تطوير المناهج في الوزارة عصمت خليل في تصريح لـ “الثورة”، أنه في الوقت الذي لم يعد التعليم التقليدي وحده كافياً لتلبية احتياجات الطلاب في القرن الحادي والعشرين، بات من الضروري إدماج أدوات تكنولوجية حديثة في العملية التعليمية، تتيح للمتعلمين فرصاً أكبر للتفاعل والإبداع والاستقلالية، وانطلاقاً من هذا التوجه، يفتح هذا المشروع الباب أمام تحول نوعي في طرق التعليم وأساليبه، إذ لا يقتصر على نقل المعرفة، بل يضع المتعلم في مركز العملية التربوية، ويمنحه الأدوات التي تجعله مشاركاً فاعلاً في بناء معرفته وصقل شخصيته.

يكسر الحواجز الجغرافية والزمانية

كما أشار خليل إلى أن التعليم الرقمي لم يعد ترفاً، بل أصبح ضرورة تمليها التحولات الاجتماعية والاقتصادية والتكنولوجية، فهو يتيح مرونة عالية في الوصول إلى المحتوى التعليمي في أي وقت ومكان، ويكسر الحواجز الجغرافية والزمانية التي قد تعيق الطالب عن التعلم، إضافة إلى ذلك، يسهم التعليم الرقمي في تنمية المهارات مثل: التفكير النقدي، حل المشكلات، الإبداع، التعاون، والتعلم الذاتي، ومن خلال استخدام أدوات رقمية تفاعلية، يصبح الطالب أكثر انخراطاً في عملية التعلم، وأكثر قدرة على تطبيق ما يتعلمه في مواقف حياتية واقعية.

خطوة نحو تطوير التعليم

وكان المركز الوطني لتطوير المناهج التربوية قد أطلق النسخة الرقمية من الكتاب التفاعلي، ليكون نموذجاً عملياً في مسيرة تحديث التعليم، إذ لفت مدير مركز تطوير المناهج إلى أن الكتاب التفاعلي يهدف إلى تنمية مهارات التفكير العليا مثل: التحليل، التقييم، والإبداع، بما يساعد الطلاب على تجاوز الحفظ والتلقين إلى الفهم العميق، مع تعزيز المهارات الرقمية التي أصبحت شرطاً أساسياً للاندماج في عالم العمل والدراسة، كذلك يهدف إلى تنمية الاستقلالية والثقة بالنفس عبر توفير مساحة للطالب كي يتفاعل بحرية مع الأنشطة المطروحة، كما أنه يعمل على تقوية الذاكرة والانتباه من خلال أنشطة متجددة ومتنوعة تبعد عن الرتابة.

ما يميز الكتاب التفاعلي، كما يؤكد خليل، أنه لا يقتصر على النصوص والمعلومات، بل يفتح للطالب مجالاً للمشاركة المباشرة من خلال: الرسم والتلوين كأنشطة تعزز الإبداع والخيال، الكتابة والتدوين التي تتيح للطالب التعبير عن ذاته وصياغة أفكاره، بالإضافة إلى أنشطة الحفظ والتكرار التفاعلي التي تسهم في ترسيخ المعلومات بأساليب ممتعة، وبذلك يصبح الكتاب أكثر من مجرد أداة لنقل المعرفة، بل يتحول إلى مساحة تعليمية محفّزة تجمع بين الفائدة والمتعة، وتربط بين الجانب العقلي والوجداني للطالب، منوهاً بأن المشروع لا يتوقف عند النسخة الحالية، بل يجري العمل على إصدار نسخة مطوّرة من هذه الكتب، بحيث تتكامل مع مصادر تعليمية متقدمة ومختبرات افتراضية ثلاثية الأبعاد.

توفير بيئة تعليمية

هذه الخطوة ستفتح أمام الطلاب آفاقاً جديدة للتجربة العملية، بحيث يمكنهم إجراء تجارب علمية افتراضية في بيئة آمنة وواقعية في آن واحد، ما يسهم في جعل التعلم أكثر عمقاً وفاعلية، منوهاً بأن إطلاق الكتاب التفاعلي يحمل مجموعة من الانعكاسات المهمة على مستوى الطالب والمجتمع، فعلى مستوى الطالب، يسهم في زيادة الدافعية نحو التعلم بفضل الطابع التفاعلي المشوق، وتنمية مهارات متعددة تجمع بين المعرفة النظرية والتطبيق العملي، علاوة على تعزيز الثقة بالقدرات الذاتية والشعور بالإنجاز.

أما على مستوى العملية التعليمية، فإنه يسهم- بحسب مدير تطوير المناهج- في تحديث أساليب التعليم لتصبح أكثر ملاءمة للتطورات العالمية، مع توفير بيئة تعليمية مرنة وشاملة قادرة على الوصول إلى أكبر شريحة من الطلاب داخل البلاد وخارجها، وكذلك يعمل على دعم استراتيجية التحول الرقمي الوطني في قطاع التعليم، وعلى مستوى المجتمع، فإنه يساعد بإعداد جيل قادر على الاندماج في سوق العمل المعاصر، بمهارات رقمية عالية، مع خلق ثقافة تعليمية جديدة تعتمد على الإبداع والابتكار، فضلاً عن المساهمة في تقليص الفجوة بين التعليم السوري والتعليم العالمي.

ولفت خليل إلى أن إطلاق الكتاب التفاعلي ليس مجرد مبادرة تقنية، بل هو خطوة استراتيجية نحو بناء نظام تعليمي متطور يستجيب لاحتياجات الحاضر، ويتطلع إلى المستقبل، فهو يجمع بين المعرفة، المهارة، والمتعة، ويوفر للطالب فرصاً واسعة للتفاعل والإبداع، مع رؤية مستقبلية تشمل مختبرات افتراضية ومصادر تعليمية متقدمة.

آخر الأخبار
الشركة العامة للطرقات تبحث عن شراكات حقيقية داعمة نقص في الكتب المدرسية بدرعا.. وأعباء مادّيّة جديدة على الأهالي اهتمام إعلامي دولي بانتخابات مجلس الشعب السوري إطلاق المؤتمر العلمي الأول لمبادرة "طب الطوارئ السورية" الليرة تتراجع.. والذهب ينخفض حملة "سراقب تستحق" تواصل نشاطها وترحل آلاف الأمتار من الأنقاض مؤسسة الجيولوجيا ترسم "خريطة" لتعزيز الاستثمار المعدني تعاون رقابي مشترك بين دمشق والرباط تراجع الأسطول الروسي في "المتوسط".. انحسار نفوذ أم تغيير في التكتيكات؟ إطلاق الكتاب التفاعلي.. هل يسهم في بناء نظام تعليمي متطور؟  خبز رديء في بعض أفران حلب "الأنصارية الأثرية" في حلب.. منارة لتعليم الأطفال "صناعة حلب" تعزز جسور التعاون مع الجاليات السورية والعربية لبنان: نعمل على معالجة ملف الموقوفين مع سوريا  شهود الزور.. إرث النظام البائد الذي يقوّض جهود العدالة التـرفـع الإداري.. طوق نجاة أم عبء مؤجل؟ سقف السرايا انهار.. وسلامة العمال معلقة بلوائح على الجدران أبطال في الظل في معهد التربية الخاصة لتأهيل المكفوفين لماذا قررت أميركا تزويد أوكرانيا بعيونها الاستخباراتية لضرب عمق روسيا؟ ختام مشروع وبدء مرحلة جديدة.. تعزيز المدارس الآمنة والشاملة في سوريا