الثورة – مريم إبراهيم:
مرة تلو الأخرى يحقق عدد من ذوي الإعاقة تميزاً مهماً ليثبتوا لأسرهم والوسط المحيط قوة الإرادة والعزيمة والإصرار التي تصنع المعجزات، والتي تؤكد مهارات وطموح شريحة مهمة من ذوي الإعاقة، وقدرتهم على النجاح وتحقيق الحضور في مختلف المجالات، رغم شدة وصعوبة الإعاقات التي لم تشكل حاجزاً أمام الطموح والأمل نحو التميز والنجاح.
ففي معهد التربية الخاصة لتأهيل المكفوفين في دمشق أثبت عدد من طلاب المعهد من ذوي الإعاقة البصرية تميزهم ونجاحهم وتفوقهم في شهادتي التعليم الأساسي والثانوية العامة، إذ بلغ عددهم للثانوية العامة ثمانية طلاب، وهم: مروة يونس محمد والعلامة 2489، وعبد الله محمد العلاوي 2168، ومحمد أحمد نعنع 2157، وسيدرة محمد ماهر الشهابي 1968، وزينب طلال صقر 1959، وأحمد خالد شله 1681، ومحمد نادر الشرع 1548، وأفنان خالد العسراوي 1296.
وحقق الناجحون في شهادة التعليم الأساسي تميزاً في النتائج، وكان أهلهم لهم السند والعون في رحلة الكفاح ونيل الشهادات العلمية رغم الصعوبات والتحديات التي تواجههم، وهم الطلاب ميرنا محمد إسماعيل بعلامة 2646 ومحمد دياب ديوب 2179، وعمر تركي المهوس 2109، وعبد الكريم تركي المهوس 2025، وخديجة فراس جواد 2012، وسيدرا دحام الفرحان 1997، وإبراهيم دحام الفرحان 1821.
ويؤكد عدد من هؤلاء الطلاب أهمية وخصوصية هذا النجاح والذي يزيدهم إصراراً وقوة وعزيمة لمتابعة مسيرة التحصيل العلمي، وخلف هذا النجاح والإنجاز اللذين يعدان فخراً لهم ولذويهم ولمعهدهم كان هناك الجنود المجهولون وهم الكادر الإداري والتعليمي في المعهد الذي قدم الكثير من جهد لا ينضب وتعاون من مديرية الشؤون الاجتماعية والعمل بدمشق، والمتابعة الحثيثة والاهتمام الدائم بالطلاب، وذلك كان له الأثر الأكبر في تذليل الصعاب وتوفير أفضل الظروف لهم، وهذه العوامل مجتمعة حولت الحلم إلى حقيقة ونجاح ملفت لطلاب لم تقف إعاقتهم البصرية حاجزاً أمام إرادتهم وطموحهم العلمي وتحصيلهم الدراسي، ليكون النجاح حليفهم وبجدارة واستحقاق وكان لهم ما سعوا لأجله رغم كل التحديات والصعوبات.
حول المعهد
ويقدم معهد التربية الخاصة لتأهيل المكفوفين بدمشق خدمات تعليمية ومهنية متنوعة للطلاب المكفوفين، وتأسس عام 1958، ويستفيد الطلاب المكفوفين الموجودين في القسم التعليمي للمعهد من جميع مستلزمات تعليم طريقة برايل (لوحات كتابة- لوحات حساب- أوراق خاصة بطريقة برايل- تعلم استخدام آلة بيركنز الكاتبة- وسائل الإيضاح) منذ الصف الأول، بالإضافة لتدريس المنهاج الرسمي في الجمهورية العربية السورية من الصف الأول حتى الثالث الثانوي، والتقدم لامتحان شهادتي التعليم الأساسي والثانوي باسم المعهد في مراكز امتحانية خاصة.
كما يؤمن المعهد حصصاً دراسية خاصة للتعرف على أجهزة الحاسب الآلي وقيادته مع حصص مادة المعلوماتية المقررة في المنهاج الرسمي، ويقدم المعهد التدريب الموسيقي والفني لجميع الطلاب عبر توفير الآلات الموسيقية الملائمة والمدرسين المختصين، ويتم التركيز على رعاية المواهب الفنية وصقلها وتقديمها في الحفلات التي يقيمها المعهد تحت رعاية وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل.
وفي القسم المهني يتعلم الطالب على مدار سنتين مجموعة من الحرف اليدوية (تريكو- مكارم- كنفى- إكسسوار) بإشراف مدربين مختصين يطورون مهاراته اليدوية، ويستقبل المعهد الطلاب من عمر 6 حتى 18 في القسم التعليمي من الصف الأول الى الثالث الثانوي الأدبي، ومن عمر 15 حتى 35 في المهني، على أن تكون درجة الرؤية عند الطالب 2/10 أو 4/10 للإصابات، ويؤمن المعهد خدمة نقل الطلاب من مناطق سكنهم إلى المعهد وبالعكس يومياً في دمشق وبعض مناطق الريف.
علامة فارقة
الباحثة الاجتماعية أسمهان الحسين أكدت في حديثها لـ”الثورة” أن نجاح وتميز هؤلاء الطلاب ذوي الإعاقة البصرية يشكل علامة فارقة في حياتهم، ودليل واضح على طموحهم لبلوغ أعلى درجات العلم، وهناك طلاب مكفوفون نالوا مختلف الشهادات سواء التعليم الأساسي والثانوية العامة وسجلوا في الجامعة، خاصة في اختصاص اللغة العربية وتخرجوا ليثبتوا أنهم فاعلون وقادرون على النجاح والمشاركة في الحياة المجتمعية كما بقية أقرانهم، وذلك بدعم ومساعدة الكوادر التعليمية والأسرة التي تتوق لترى أبناءها يحصلون أعلى درجات النجاح والمراتب العلمية.
ولفتت إلى الصعوبات التي تواجه ذوي الإعاقة وذويهم بشكل عام، إذ يعانون الأوضاع المعيشية الصعبة، ويتكبدون كثيراً من المشقة في حياتهم اليومية، ورغم كل الظروف والتحديات يطمحون لواقع أفضل واندماج مجتمعي يحقق لهم طموحهم وغاياتهم في أن يكونوا أفراداً فاعلين في مجتمعهم، ومن الضروري لحظ قضاياهم ومشكلات سواء في الصحة أو التعليم أو أي جوانب أخرى، وأن يكون ملف ذوي الإعاقة في سلم أولويات العمل من قبل مختلف الجهات المعنية لإحداث أفضل النتائج المهمة في واقع ذوي
الإعاقة والذي بات يأخذ تشعبات وتحديات كبيرة في ظل زيادة أعداد ذوي الإعاقة بعد سنوات الحرب من جهة، وعدم كفاية الخدمات والرعاية المجتمعية المقدمة لهم بالشكل المناسب من جهة أخرى.
ونوهت الحسين بأن هناك إعاقات كثيرة متعددة التصنيفات سواء حركية أو بصرية وغير ذلك، ينتظر أصحابها لحظ واقعها، ويتمنون أن يكون هناك بارقة أمل وعمل ملموس لصياغة سياسات عملية تحقق الدمج الكامل والحقوق المتساوية للأشخاص ذوي الإعاقة، وسن قوانين تضبط مساعدتهم بمقادير ونسب وفق احتياجاتهم وتلبي تطلعاتهم، وتجعلهم فاعلين وشركاء حقيقيين في المجتمع.