الثورة :
أعلن المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى سوريا، غير بيدرسون، أمام مجلس الأمن الدولي الخميس، أنه سيغادر منصبه بعد أكثر من ستة أعوام ونصف العام قضاها في قيادة الجهود السياسية الأممية الرامية لإيجاد حل للأزمة السورية.
وقال بيدرسون خلال إحاطته إن قراره يعود إلى “أسباب شخصية”، مشيراً إلى أنه كان يعتزم هذه الخطوة منذ فترة، لكن التطورات الاستثنائية التي شهدتها سوريا مؤخراً وبدء مرحلة انتقالية جديدة دفعته للبقاء في موقعه خلال الأشهر الحاسمة الأولى من هذا التحول، واصفاً ذلك بأنه “شرف ومسؤولية”.
وأكد أنه سيواصل أداء مهامه كاملة حتى آخر يوم من ولايته.
ودعا بيدرسون المجتمع الدولي إلى دعم سوريا في هذه المرحلة الدقيقة والابتعاد عن التدخل في شؤونها الداخلية، معتبراً أن نجاح المرحلة الانتقالية يتطلب أن تتحول الدولة السورية إلى دولة جامعة لمواطنيها جميعاً “قولاً وفعلاً”، محذراً من أن الفشل في ذلك ستكون له عواقب وخيمة.
وأضاف: “علّمتني تجربتي في سوريا أن التقدم يبدو أحياناً مستحيلاً حتى يتحقق فجأة. الشعب السوري تحمّل معاناة هائلة وأظهر قدرة لافتة على الصمود.
اليوم هناك فجر جديد لسوريا يجب أن نحرص على أن يكون مشرقاً، فالسوريون يستحقون ذلك بجدارة”.
ورأى بيدرسون أن الوحدة الوطنية والنجاح باتا في متناول اليد إذا ما وجهت التحديات بمفاوضات جادة وتسويات شجاعة، محذراً من أن استمرار الجمود قد يبقي سوريا “محاصرة إلى أجل غير مسمى، عاجزة عن التعافي وإعادة البناء، وربما منزلقَة إلى موجات جديدة من الصراع والتدخل الخارجي”.
وأوضح أن السلطات الانتقالية في دمشق تواجه إرثاً ثقيلاً من سنوات الحرب والاستبداد، ليس فقط في أنقاض البنية التحتية بل أيضاً في النسيج الاجتماعي المنهك والمؤسسات المتدهورة والاقتصاد المفرغ، داعياً إلى تقديم دعم دولي واسع النطاق يتناسب مع الاحتياجات السورية، يشمل تحفيز القطاع الخاص وتخفيف العقوبات وتسريع الإصلاحات وتحقيق الاستقرار السياسي.
وخلال فترة عمله في الملف السوري، أدار بيدرسون اتصالات مع نظام الأسد والمعارضة والمجتمع الدولي، وسعى لتفعيل القرار 2254 وبيان جنيف 2012، ورعى تأسيس اللجنة الدستورية السورية عام 2019.
وبعد سقوط نظام الأسد في ديسمبر/كانون الأول 2024، دعا إلى فتح صفحة جديدة من السلام والمصالحة ودعم السوريين في التغيير السياسي ومحاسبة مرتكبي الجرائم.
بهذا القرار، يختتم بيدرسون مرحلة مهمة من الوساطة الأممية في سوريا، تاركاً إرثاً دبلوماسياً يعكس سنوات من الجهود المتواصلة لتمهيد الطريق أمام تسوية سياسية شاملة تعيد للسوريين حقوقهم وتفتح الباب أمام السلام والاستقرار.