ماكرون يقمع معارضيه بذريعة معاداة الصهيونية

ماتزال تصريحات الرئيس الفرنسي ماكرون بأن « معاداة الصهيونية هي أحد الأشكال الحديثة لمعاداة السامية» تثير الانتقادات في مختلف الأوساط حتى من شخصيات يهودية مثل روني برومان (رئيس منظمة أطباء بلا حدود سابقا ) الذي قال: أنا كيهودي ومواطن فرنسي صدمت بشدة لهذا التصريح الذي بحد ذاته يغذي ويضخم معاداة السامية.
كما جاء في صحيفة لومانيتيه: مع مرور الأيام يتضح أكثر فأكثر أن الحملة التي تنظم ضد معاداة السامية والتي تقودها نخب السلطة في فرنسا ليست سوى ستار من الدخان يحجب وراءه برنامجا يقوده تحالف مع قوى اليمين المتطرف لبسط السيطرة البوليسية وإلغاء تحرك المعارضة من العمال في باريس وكان ماكرون قد صرح الاسبوع الفائت خلال حفل عشاء نظمه مجلس تمثيل المؤسسات اليهودية في باريس أن معاداة الصهيونية هي شكل من أشكال معاداة السامية « معلنا أن حكومته ستغير تعريفها لمعاداة السامية – أي من العنصرية ضد اليهودية ليضمنها مفهوم معارضة الصهيونية – حيث كان خطاب الكراهية ومعاداة السامية جريمة جزائية في فرنسا، وإعادة تعريف ماكرون له سيهدد بإلصاق الجنحة لأي انتقاد سياسي لإسرائيل بما فيها الانتقاد لاعتداءاتها ضد المدنيين الفلسطينيين وتهديداتها بالحرب ضد ايران، كما أعلن ماكرون أنه سيقدم في شهر أيار المقبل مشروع قانون جديد يستهدف الحريات على الانترنت وهذا سيحسن قدرة الحكومة الفرنسية على رقابة المواقع الأجنبية «مواقع من الصعب إيقافها» حيث ندد بشراسة استخدام الأسماء المستعارة في الانترنت التي لا تستطيع حكومته مراقبتها واصفاً إياها بأنها «قناع الجبناء» وأنه وراء كل اسم وهمي يوجد اسم حقيقي وهوية ومع أن هذه الاجراءات لا علاقة لها بموضوع معاداة السامية إلا أن الحكومة تعزز سلطات الرقابة لتجابه المعارضة التي تخرج للتظاهر ضد التفاوت الطبقي والتقشف الذي تعاني منه طبقة العمال وهذا كان التعبير الأول لمتظاهري الستر الصفراء على الفيسبوك وعلى وسائل التواصل الأخرى، لذلك أشار ماكرون الى أهمية التعاون بين حكومته والفيسبوك فيما يخص الرقابة اعتباراً من هذا العام وأنه سوف يتخندق ممثلون عن الحكومة وسط مكاتب مراقبة للفيسبوك، وأن يخفي ماكرون هذا البرنامج تحت راية «مكافحة معاداة السامية» ليس فقط حماقة بل هو سياسياً أمر فاحش لا يمكن القبول به وهذا النوع من الفحش يكرس الآن نبرة جديدة للسياسة الرسمية.
أيضاً تبدو هذه الحملة المعلنة بشكل واضح كهجوم عنصري ضد المسلمين وذلك بتبرير القمع لجميع العمال وقد حاول ماكرون تمويه أن هذه الحملة هي هجوم على معارضة اليسار مظهراً إياها بأنها نضال عادل ضد التطرف السياسي لكن تصريحاته هي تلفيق وتزييف فمعاداة السامية تاريخياً هي ايديولوجية الفاشيين الذين ارتكبوا جرائم بحق الشيوعيين غير أن نزعته القومية العنيفة تتعارض مع كل سياسة حقيقية لليسار دون الحديث عن معارضة الطبقة العمالية للرأسمالية التي تتمثل في اليمين المتطرف وتتسع اليوم بفضل دعم نخب سياسية تدين الستر الصفراء.
إن معادلة ماكرون في معاداة السامية بمساعدة كل الأطراف تهدف الى اعلان أن اليسار وأي معارضة داخل طبقات العمال هي معادية للسامية بشكل أساسي وبالتالي فهي مجرمة. لنكن واضحين فنحن نرفض هذا الخلط وعلينا الفصل بين ما يريد البعض تشبيكه، الصهيونية تشير الى ايديولوجيا سياسية تصوب الى مؤسسة الدولة اليهودية في فلسطين المحتلة ومصطلح «معاداة الصهيونية» هو سبيل للخلط وقد تم تفعيله من قبل نتنياهو فهو يريد أن يساوي بينه وبين معاداة السامية للقول إن من ينتقد سياسة اسرائيل هو معاد للسامية ويأتي ماكرون وأمثاله ليدعموا هذا الخلط ويكسبوه شرعية لذلك من الضروري رفض اعتبار «معاداة الصهيونية» جنحة يعاقب عليها في فرنسا.
نريد أن نحافظ على حرية الانتقاد وبأكبر طاقاتنا لسياسة الحكومة الاسرائيلية التي تنتهج ضم الأراضي الفلسطينية واغتصابها وانتهاك حقوق الإنسان هناك وسجن الأطفال وإطلاق الرصاص الحي ضد المتظاهرين العزل.
فبالنسبة لنا السلام يكون عبر النضال من أجل العدالة والاعتراف بحق الشعب الفلسطيني بالحياة على أرضه.
يقول ميشيل سباراغانو (باحث واستاذ فلسفة): كنت أتظاهر مع الستر الصفراء منذ البداية وقد تم الاعتداء علي كما على الآخرين ونعتونا بـ «معاداة الصهيونية» وليس بمعاداة السامية والخطير في الأمر أن حوالي ثمانين نائباً يريدون اقتراح إصدار قانون يمنع أي كلام معادٍ للصهيونية أعود وأكرر أن الصهيونية ايديولوجيا سياسية لا يمكن أن نتفق معها وليس الأمر كذلك بالنسبة لمعادة السامية لا أدري إذا كان الفارق الذي أسعى لإيضاحه مسموعاً في هذا الزمن الذي يتم فيه التحول بسرعة أكثر مما نظن لكن الفلسفة تقتضي ذلك.
نحن نتهم الحلقة السياسية العليا والإعلامية بالتلاعب وخيانة النضال الحقيقي ضد معاداة السامية كما نتهم هذه السلطات باختلاق الاتهامات ضد «الستر الصفراء» وضد الشعب المتمرد، نتهم وندين السلطات اليهودية بتضليل وتحريف مكافحة معاداة السامية، اليوم يحصل كما في زمن ايميل زولا. هناك تزوير للوقائع بطابع عنصري يتم ارتكابه بهدف حماية السلطة وإرضاءً للمؤسسات المؤيدة لإسرائيل.
Lomanite

ترجمة: مها محفوض محمد
التاريخ: الخميس 28-2-2019
الرقم: 16920

 

 

 

 

 

آخر الأخبار
إعادة فتح موانئ القطاع الجنوبي موقع "أنتي وور": الهروب إلى الأمام.. حالة "إسرائيل" اليوم السوداني يعلن النتائج الأولية للتعداد العام للسكان في العراق المتحدث باسم الجنائية الدولية: ضرورة تعاون الدول الأعضاء بشأن اعتقال نتنياهو وغالانت 16 قتيلاً جراء الفيضانات والانهيارات الأرضية في سومطرة الأندونيسية الدفاعات الجوية الروسية تسقط 23 مسيرة أوكرانية خسائر كبيرة لكييف في خاركوف الأرصاد الجوية الصينية تصدر إنذاراً لمواجهة العواصف الثلجية النيجر تطلب رسمياً من الاتحاد الأوروبي تغيير سفيره لديها جرائم الكيان الإسرائيلي والعدالة الدولية مصادرة ١٠٠٠ دراجة نارية.. والجمارك تنفي تسليم قطع ناقصة للمصالح عليها إعادة هيكلة وصيغ تمويلية جديدة.. لجنة لمتابعة الحلول لتمويل المشروعات متناهية الصِغَر والصغيرة العقاد لـ"الثورة": تحسن في عبور المنتجات السورية عبر معبر نصيب إلى دول الخليج وزير السياحة من اللاذقية: معالجة المشاريع المتعثرة والتوسع بالسياحة الشعبية وزارة الثقافة تطلق احتفالية " الثقافة رسالة حياة" "لأجل دمشق نتحاور".. المشاركون: الاستمرار بمصور "ايكو شار" يفقد دمشق حيويتها واستدامتها 10 أيام لتأهيل قوس باب شرقي في دمشق القديمة قبل الأعياد غياب البيانات يهدد مستقبل المشاريع الصغيرة في سورية للمرة الأولى.. الدين الحكومي الأمريكي يصل إلى مستوى قياسي جديد إعلام العدو: نتنياهو مسؤول عن إحباط اتفاقات تبادل الأسرى