لا يمكن أن يمر الرقم الذي ذكرته بعض المصادر الحكومية عن حجم الودائع في مصارفنا الحكومية مرور الكرام دون التوقف عنده ملياً كونه يدل على إمكانية توظيف تلك الإيداعات من خلال وسائل عديدة أقلها عملية الإقراض التي يحتاجها الاقتصاد السوري على مختلف المستويات ولا سيما للمشروعات الصغيرة والمتوسطة التي يقف التمويل عائقاً أمام انطلاقتها بشكل جيد.
لكن الذي يثير الانتباه ورغم تلك التصريحات أن القرار الشجاع بفتح تلك القروض بشكل واسع ما زال يشوبه التخوف لدى السلطة النقدية خاصة، وأن ملف القروض المتعثرة كان السبب الرئيس بتوقف تلك القروض لفترة طويلة إضافة لظروف الحرب.
هذا لا يعني أن الحكومة تريد أن تحجم بعض أنواع القروض لحساب قروض أخرى تراها أكثر إلحاحاً ضمن الظروف الراهنة ولا سيما التنموية منها والمتعلقة بالقروض الإنتاجية والتشغيلية التي بدأت تأخذ مسارها عبر عدد من الضوابط خوفاً من الوقوع في أي مطب يجعل من تلك القروض عبئاً على المقترض والحكومة بعد ضياع المليارات التي أقرضت لرجال أعمال بدون ضمانات قبل الحرب على سورية.
لكن يبدو أن المعضلة التي تكبل مصارفنا هي كيفية تطبيق القرارات التي تصدر عنها وخاصة ما يتعلق بالتسهيلات في الإقراض ومرونة السحب والإيداع واسترداد الديون المتعثرة والضمانات الكافية لأي قرض كان، لذلك يجب أن تكون الترجمة الوحيدة لها استثمار تلك الفوائض وفق رؤية واضحة وضوابط معينة.
ولابد هنا من العودة قليلاً إلى الوراء عندما اتخذت السلطة النقدية قرار إعادة هيكلة المصارف الحكومية العامة للانتقال من الوضع الحالي الذي اعتبره البعض كارثياً إلى وضعٍ جديد قوامه المرونة والانتشار الأوسع والكفاءة في العمل وتقديم أفضل الخدمات والاحتياجات المصرفية للشرائح الشعبية والعديد من القطاعات والمناطق والمجالات والوزارات والجهات العامة المتزامنة مع استقرار مصرفي يساهم بدوره في استقرار الاقتصاد الوطني عموماً.
إعطاء القطاع المصرفي دوره للمرحلة القادمة من خلال توفير التمويل اللازم للمشاريع الاستثمارية بمختلف أشكالها يتطلب الاستفادة من تلك الودائع وتوظيفها عبر قنوات سليمة تحقق الفائدة الاقتصادية والتنموية منها مع إعادة رأسمالها بصورة مضاعفة لتلك المصارف يشكل ضمانة استقرار القطاع الاقتصادي ورفع معدل النمو المرتبط بالتشغيل والإنتاج.
ميساء العلي
التاريخ: الأربعاء 13-3-2019
الرقم: 16930