كم هو غريب حال الأمريكي، فهو لم يمل على ما يبدو من لوك ذات الأكاذيب، والتلطي خلف ذات الأقنعة، واللجوء إلى عكاز الروايات المفضوحة، التي نبصم لها وبالعشرة، بأنها مفلسة ومكشوفة، وإن تعمد البيت الأبيض خلطها بنكهاته المسيسة عبر كبار طباخي أقبيته الاستخباراتية.
قبل أسابيع قليلة صدع الأمريكي رؤوسنا برواياته الممجوجة حول انسحاب قواته المزعوم من الجزيرة السورية، بل وتحدث كثيراً عن انتصارات وهمية، وإنجازات خلبية، لا وجود لها إلا في مخيلة أوهامه، وبأنه سيطر على 100% من الأراضي التي كان يسيطر عليها دواعشه، وبأنه بين ليلة وضحاها سيعلن هزيمة تنظيمه الإرهابي، وبأن المسألة مسألة ساعات ليس إلا، ولكن الذي جرى يناقض كل تلك المزاعم، وكأن ترامب وهو يدلي بدلوه هذا عن انتصاراته الهوليودية، كان في حالة ثمالة سياسية، أو هو السُكْر يضرب أطنابه، لدرجة دفعت الرجل إلى البوح بما ينشده، أو هو على الأغلب حالة التأرجح على حبال التدليس والنفاق التي اعتدناها منه، لعله يحقق بالحيلة ما عجز عن تحقيقه بأساليبه العدوانية ومجازره الدموية.
الباغوز هي مثالنا الحي على كل ما نقول، وسابقاً (الركبان)، وإلا ما معنى المجزرة الجديدة للتحالف الأمريكي المزعوم، والتي خلفت عشرات الشهداء والجرحى أغلبيتهم من الأطفال والنساء الهاربين أصلاً من مناطق انتشار إرهابيي (داعش) في المخيم؟!، ولماذا لم يستهدف العدوان الأمريكي دواعشه في الجزيرة السورية؟!، لماذا المدنيون السوريون دون الإرهابيين المعروفين أمريكياً أين يقطنون، هم وحدهم في مرمى استهداف الغارات الأمريكية؟!، ثم إذا كان متزعم الخرافة البغدادي لا يزال على قيد الحياة ويختبئ بحسب مصادر أمريكية موثقة في صحراء الأنبار العراقية، ويتنقل أحياناً إلى بلدة الباغوز، أو إلى مكان آخر قريب من الحدود بين الدولتين، فلماذا لم يستهدفه التحالف الأمريكي، ولو بعمل عسكري واحد حتى الآن؟!، وإذا كانت الفوكس نيوز الأمريكية تقول إن تنظيم داعش لا يزال يضم في صفوفه بين 28000 إلى 32000 داعشي، فأين الأمريكي من هذه الإحداثيات، أم أنه لا يضبط حركة صواريخه الإجرامية، ولا يوجهها إلا إلى حيث يتحرك المدنيون؟!.
لم نكن بحاجة إلى الاستماع إلى بولتون، وهو يقول بأن تهديد تنظيم (داعش) الإرهابي سيظل قائماً، ولا إلى كلام قائد القوات الأميركية في الشرق الأوسط، الجنرال جوزيف فوتيل، بأن انتهاء المعركة ضد (داعش) الإرهابي لا يزال بعيداً، ولم نكن بانتظار ما تفوه به المبعوث الأميركي إلى الشرق الأدنى دايفيد ساترفيلد، بأن واشنطن لن تسحب قواتها من سورية، وأن ما يحصل إعادة تموضع، فالقاتل الأمريكي سيبقى قاتلاً وإن تجمل بأغلى المساحيق الدبلوماسية ومهما ارتكب من مجازر بحق السوريين إلا أنه مهزوم لا محال.
ريم صالح
التاريخ: الأربعاء 13-3-2019
الرقم: 16930