حراك حكومي لافت للخروج من آثار العقوبات الاقتصادية الجائرة أحادية الجانب، والتي بدأت مفرزاتها تظهر بشكل واضح على المستوى المعيشي للمواطن خاصة مع موجة الغلاء التي لا تتناسب والقدرة الشرائية الحالية، الأمر الذي يتطلب حلولاً بديلة قد لا تكون فقط من خلال رفع الرواتب والأجور وإنما بوسائل أخرى يتلمسها المواطن بعيداً عن الاجتماعات والقرارات والتشريعات التي بقيت بعيدة عن الوجع الحقيقي اليومي للمواطن.
يقول أحدهم إن أي دعم للمنتج الصناعي أو الزراعي ستكون له منعكسات إيجابية على المستوى المعيشي للمواطن كون ذلك سيسهم في زيادة الإنتاج وتقليل فاتورة التكاليف التي تنعكس سلباً على المواطن وهذا ما بدأت الحكومة بترجمته من خلال محاولات جادة لمصالحة جديدة مع القطاع الخاص الصناعي تحديداً بهدف تذليل أي عقبات إجرائية أو مالية لدعم بعض الصناعات لكفاية حاجة السوق المحلية ودعم التصدير خارجياً.
وقد يكون اللقاء الأخير للحكومة مع الصناعيين على أرض المنطقة الصناعية بحسياء من باب خلق رؤية مشتركة بين الجهات الحكومية والفعاليات الاقتصادية للاعتماد على الذات وتنشيط الإنتاجين الزراعي والصناعي مع توافر المدخلات الأساسية للصناعة من رأس المال والمواد الأولية لإعادة ألق المنتج السوري محلياً وعالمياً كما كان قبل الحرب على سورية.
والأمر يحتاج لزيادة بحجم الاستثمارات وتوسيع مشاريع التشاركية مع القطاع الخاص الوطني لكن قبل كل ذلك نحن بحاجة لبيئة مستقرة للإنتاج وزيادة الدعم المقدم للمناطق الصناعية والحرفية وتطوير التشريعات التي تساهم في تحفيز الاستثمار وتشجيع المستثمرين على إقامة المشاريع الصناعية من جهة ومن جهة أخرى وضع ضوابط تحكم العلاقة بين الحكومة والقطاع الخاص تتسم بالوضوح والشفافية وتحقق مصالح كلا الطرفين.
لذلك نحن بحاجة إلى السرعة المتأنية لإصدار بعض القوانين والتشريعات التي تصب في هذا المجال ومنها قانون الاستثمار الذي يعد التحدي الأهم للمرحلة القادمة لرفع مستوى أداء الاقتصاد الوطني وجذب الاستثمارات الخارجية خاصة أننا أمام واقع استثماري متعطش لجرعات عالية المستوى من الدعم والاهتمام والقرارات والإجراءات الحكومية التنفيذية على أرض الواقع.
باختصار ما ينقصنا توحيد المظلة التشريعية في سورية بحيث لا يترك أي قانون أو تشريع لمزاجية كل وزارة أو جهة بل العمل بروح الفريق الواحد على كافة المستويات لتحقيق المنفعة المشتركة، فالدولة مزيج لعدة قطاعات يجب أن تتكامل معاً ولا سيما في الظروف الاستثنائية فهل يفعلها الفريق الحكومي ويترجم جولاته واجتماعاته إلى منتج حقيقي؟.
ميساء العلي
التاريخ: الأربعاء 27-3-2019
رقم العدد : 16941