اقتصاديات الفن

مثلما كان للدراما السورية دورها البارز في خلق حالة اقتصادية عبر تأسيس العديد من شركات الإنتاج الفني والتلفزيوني، وتشغيل آلاف الأيادي العاملة، وتوفير القدرة على اختراق الآفاق عبر تسويقٍ واسع النطاق للأعمال الدرامية، فنحن اليوم أمام حالةٍ مشابهة لفن سوري آخر يحتاج إلى استنهاضٍ وإنقاذ اقتصادي، مثلما حصل في عالم الدراما واقتصادياتها، حيث راحت تنتشر إلى حدٍّ كبير، وتُثبت وجودها بقوة، وتنافس أهم الأعمال العربية والأجنبية، وترافق ذلك مع تحسين أوضاع الفنانين المادية وشعروا بكراماتهم أكثر، وتحفّزوا إلى مزيدٍ من الأعمال، وأبدعوا أكثر، وتألّقت أعمالهم أكثر فأكثر.
ولكن هذا المشهد الجديد للدراما السورية ما كان ليحصل لولا دخول القطاع الخاص على الخط، والسماح له بتأسيس شركات الانتاج، لاستثمار الإبداع الدرامي الذي كان موجوداً وبمنتهى الرقي، فشكّل مادة أولية جذابة لمثل هذا الاستثمار، فالقطاع الخاص كان فعّالاً بتسويق الإبداع.. فنجح وربح.. وأربح غيره.
نسرد هذا كله لنستذكره جيداً، ولنصل إلى نمطٍ آخر من الفن السوري العريق الراقي أيضاً، والذي لا يزال متقوقعاً ومنكفئاً على نفسه تقريباً إلا بحالاتٍ نادرة، على الرغم من حالات الإبداع عالية المستوى التي تنتج عنه، ولكنه متروك بلا راعٍ ولا عناية.
ما نقصده تماماً هو الفن التشكيلي السوري، الذي يعيش عالماً فريداً من الجمال والروعة، وعالماً فريداً أيضاً من الفقر والفاقة..! فالعديد من الفنانين التشكيليين يقومون اليوم بتأجيل ومضات إبداعاتهم ونحتها، أو رسمها في لوحات قابلة للديمومة لأنهم بصراحة يستصعبون – أحياناً – شراء الألوان وأدوات الرسم، فالحالة عسيرة، ويرسمون وينحتون بلا طائل تقريباً.
هنا أيضاً كان لا بدّ من دخول القطاع الخاص على الخط، لإنعاش الفن التشكيلي السوري الراقي جداً، من خلال ابتكار الأساليب الكفيلة بوضع هذا الفن المبدع على السكة الصحيحة، ومن ذلك – مثلاً – تكثيف إقامة الملتقيات، وإدخال القطاع الخاص كرعاة لهذه الملتقيات، أي على شكل (سبونسرز) لقاء مبالغ معينة، وإهداء الراعي لوحة أو عدة لوحات لاقتنائها، ولا سيما أنّ أحداً – كما يقول العديد من الفنانين التشكيليين – لا يُقدِم إلى اقتناء اللوحات إلاّ نادراً، ووزارة الثقافة تقتني أحياناً حسب إمكانياتها ولكن بأسعارٍ رمزية إن لم نقل بخسة.
الإبداع الرائع لفنانينا التشكيليين، هو أيضاً مادة أولية جديرة بالاستثمار، ومجدية للفنانين الذين يعيش أغلبهم اليوم بحالة بائسة، واستثمار فنهم سيؤدي بالضرورة إلى تفعيله واستنهاض الهمم لمزيد من الإبداع والعطاء، ومن يدري..؟ فقد يضع رجال الأعمال أياديهم بهذا الاستثمار على كنزٍ يضاهي الكنوز التي استطاعت الدراما السورية أن تنبشها من رقادها.

علي محمود جديد
التاريخ: الاثنين 15-4-2019
الرقم: 16957

آخر الأخبار
حشرات وعناكب بالألبان والأجبان   تشجيعاً للاستثمار .. محافظ درعا يتفقد آثار بصرى الشام برفقة مستثمر سعودي  إبراز المعالم الوقفية وتوثيقها في المحافل الدولية بالتعاون مع "الإيسيسكو" معرض دمشق الدولي..ذاكرة تتجدد نحو تنمية مستدامة  "خطوة خضراء لجمال مدينتنا".. حملة نظافة واسعة في كرناز 10 أطنان من الخبز... إنتاج مخبز بصرى الشام الآلي يومياً نداء استغاثة من مزارعي مصياف لحل مشكلة المكب المخالف قرابة  ١٠٠٠ شركة في معرض دمشق الدولي ..  رئيس اتحاد غرف التجارة:  منصة رائدة لعرض القدرات الإنتاجية تسهيلاً لخدمات الحجاج.. فرع لمديرية الحج والعمرة في حلب "الزراعة" تمضي نحو التحول الرقمي.. منصة إرشادية إلكترونية لخدمة المزارعين  اجتماع تنسيقي قبل إطلاق حملة "أبشري حوران "   مبادرة أهلية لتنظيف شوارع مدينة جاسم الدولرة تبتلع السوق.. والورقة الجديدة أمام اختبار الزمن السلوم لـ"الثورة": حدث اقتصادي وسياسي بامتيا... حاكم "المركزي"  يعلن خطة إصدار عملة جديدة بتقنيات حديثة لمكافحة التزوير عبد الباقي يدعو لحلول جذرية في السويداء ويحذر من مشاريع وهمية "الأشغال العامة".. مناقشة المخطط التنظيمي لمحافظة حماة وواقع السكن العشوائي "حمص خالية من الدراجات النارية ".. حملة حتى نهاية العام  محمد الأسعد  لـ "الثورة": عالم الآثار خالد الأسعد يردد "نخيل تدمر لن ينحني" ويُعدم واقفاً ضبط ٨٨ كغ فروج فاسد في أحد مطاعم حلب  خبير يكشف لـ"الثورة": 40 تريليون ليرة خارج تداول النظام المصرفي