الملحق الثقافي.. عقبة زيدان
اللغة هي التي تميز الإنسان عن بقية الكائنات. ومن الصعب علينا أن نتخيل التفكير من دون كلمات. يوصف الإنسان غالباً بأنه كائن يستخدم الأدوات. ولكن اللغة بذاتها هي الأداة الأكثر روعة التي اخترعها الإنسان، وهي التي جعلت الأدوات الأخرى ممكنة.
اللغة، في الحقيقة، هي التي تجعل الثقافة الإنسانية ممكنة. نحن كائنات لغوية حصراً، ولا وجود لنا من دون اللغة. يقول ليفي شتراوس: «أن تقول إنساناً، يعني أن تقول لغة، وأن تقول لغة، يعني أن تقول مجتمعاً».
لقد رافق ظهور اللغة التحول من الحيوانية إلى الإنسانية، من الطبيعة إلى الثقافة، من العاطفة إلى العقلنة. وحسب روسو فإن «الكلام كان شعراً كله، ولم يحسب حساب العقلنة إلا لاحقاً». ويفسر شتراوس مقالة روسو بأن الإنسان لا يمكن أن يعي ذاته إلا حين يتمكن من استخدام المجاز كوسيلة للمقارنة وإدراك الفروق.
أما ليزلي وايت فيرى أن الإنسان «يستخدم الرموز، في حين لا يستطيع أي مخلوق آخر أن يفعل ذلك».
من البدهي القول إن القدرات المتفوقة، كانت ذات نفع تطوري ملموس على أسلافنا، وتفترض أحدث التقديرات أن القدرة على اكتساب بعض المهارات اللغوية كما نعرفها اليوم قد تكون نشأت قبل ثلاثة ملايين عام من ظهور الإنسان الماهر. ومع أن بعض الأنواع الحيوانية تمتلك مهارات تواصلية من نوع ما، إلا أن اللغة كانت ذات أهمية قصوى في تطور الثقافة البشرية المميزة، على الرغم من أنها نشأت أصلاً كنظام في نقل إشارات الخطر وتعزيز الترابط الاجتماعي لدى الجماعة.
التاريخ: الثلاثاء16-4-2019
رقم العدد : 16946