المعركة لم تنتهِ

 

يحتفل السوريون بذكرى الجلاء، وعيونهم شاخصة إلى ما تبقى من الأرض، التي لا تزال تعاني رجس الإرهاب، أو وطأة الاحتلال، ويقينهم أن الجلاء الذي تحقق بفضل التضحيات الكبيرة هي ذاتها الطريق التي يعملون على خوض مساره، على الرغم من التحديات التي تبدو جاثمة، وتطلّ بأشكالها الجديدة وإرهابها المنظم.
لا يساور الشكُّ السوريين في ذلك الطريق ونهاياته المحسومة، وليس لديهم هواجس أو أوهام بأنّ المعركة التي يخوضونها، لا تزال تشهد فصولاً ضاغطة، تتبدل فيها الجبهات والمواقع والأدوات، وخصوصاً في هذا الظرف الذي يفتح المشهد على مصراعيه، ويترك الأفق مفتوحاً على الاحتمالات الكبيرة.
فالمعركة بوجوهها المتعددة تؤشر بوضوح إلى سُعار منظومة العدوان، التي تراكم من الطرق والأساليب، وما عجزت عنه بالإرهاب تحاول أن تعوضه باستهداف السوريين في حياتهم اليومية وحاجياتهم الأساسية عبر عقوبات جائرة، لم تترك وسيلة ولا طريقة إلا ولجأت إليها، من أجل تحقيق ما فشلت به بالاستهداف المباشر.
لا يغيب عن بال السوريين في هذه الأيام ما مضى من سنوات، وما مرَّ فيها من تفاصيل تعيد إلى الذاكرة العلاقة الجدلية بين الأمس واليوم، وخصوصاً في هذه الفترة التي تشهد فيها سُعاراً مزدوجاً من اتجاهات عدة، ورفعاً لمنسوب الاستهداف والضغط السياسي والاقتصادي، وما سيلحق به من إضافات قادمة، لن تتوقف عند حدود ما شهدناه حتى اللحظة.
فلدى السوريين ما يكفي من تراكمات، سواء بالتجربة، أم من خلال الخبرة في المجابهة المفتوحة منذ سنوات، أنه كلما أفشلنا مشروعاً، كان التحضير للآخر جاهزاً، وكلما أسقطنا محاولة، تتلوها محاولة أخرى، وكلما نجحنا في جولة تلتها جولة ثانية، وإن المواجهة تتواصل عبر أشكال وصيغ وأساليب، تتلون حسب الظرف التاريخي، وتتغير وفق حسابات ومعادلات المتاح منها.
ولديهم أيضاً اليقين والقناعة والإيمان، بأنهم كما حققوا الجلاء في معركة كانت تفتقد عوامل التوازن، وتفتقر أدوات المواجهة، وتعاني خللاً واختلالاً، لكنها كانت محسومةً لمصلحة السوريين، وكانت محسومة في نهاية المطاف لمصلحة هذه الإرادة التي تشبعت بالتضحيات لتحقيق الجلاء.
اليوم وقد استطاعوا أن يدحروا الإرهاب في معركة كانت الأشرس، وقد حضرت لها منظومة العدوان، وحشدت غرباً وشرقاً، شمالاً وجنوباً من داخل الإقليم ومن خارجه، من الأقربين والبعيدين، ومن المحسوبين في خانات مختلفة، فهم في المعركة الجديدة جاهزون للحسم، ومستعدون للمواجهة، خصوصاً أنّ عامل الإرادة ما زال السلاح الأمضى، وسيبقى العنوان الذي يلتقي عبره السوريون.
معركة الجلاء لم تنتهِ، ومعادلة تحرير الأرض لم تُستكمل فصولها النهائية، وهزيمة الإرهاب لم تتحقق كلياً وفعلياً على كامل الأرض السورية، وما نحتفي به اليوم إحياءً لتلك الإرادة التي حققت الجلاء، وتجديداً للعهد في مواصلة المعركة على جبهاتها المفتوحة والمغلقة، المعلنة منها والمضمرة.. الظاهر منها والمبطن.. المباشر وغير المباشر .. العسكري كما هو الاقتصادي.. والاجتماعي النفسي مع الإعلامي التقني.. حتى يتحقق الجلاء الأكبر.
فمن هزم مستعمرين وغزاة ومعتدين ومحتلين وقتلة وشذاذ آفاق وإرهابيين وظلاميين وأجراء ومرتزقة، فلن تعييه الحيلة، ولن تعوزه الطريقة، ولا الوسيلة لهزيمة ما بقي منهم، قديمهم وجديدهم، رغم بشاعة الحصار والحرب بلقمة عيش السوريين، وهاهم يستنفرون، كلٌّ في موقعه، ومن خلال دوره ومسؤولياته.. والمواطن قبل المسؤول.. والصغير قبل الكبير.. والمحتاج قبل الميسور، للصمود والتضحية وصولاً للانتصار على هذا التحدي، وإفشال حصارهم، كما تمَّ إفشال عدوانهم، وهزيمة استعمارهم، بلبوسه الجديد والقديم.. المهجن منه والخليط.
a.ka667@yahoo.com

 

بقلم رئيس التحرير: علي قاسم
التاريخ: الأربعاء 17-4-2019
الرقم: 16959

آخر الأخبار
مؤسسات التمويل الأصغر في دائرة الضوء ومقترح لإحداث صندوق وطني لتمويلها في مناقشة قانون حماية المستهلك.. "تجارة حلب": عقوبة السجن غير مقبولة في المخالفات الخفيفة في خامس جلسات "لأجل دمشق نتحاور".. محافظ دمشق: لولا قصور مخطط "ايكوشار" لما ظهرت ١٩ منطقة مخالفات الرئيس الأسد يتقبل أوراق اعتماد سفير جنوب إفريقيا لدى سورية السفير الضحاك: عجز مجلس الأمن يشجع “إسرائيل” على مواصلة اعتداءاتها الوحشية على دول المنطقة وشعوبها نيبينزيا: إحباط واشنطن وقف الحرب في غزة يجعلها مسؤولة عن مقتل الأبرياء 66 شهيداً وأكثر من مئة مصاب بمجزرة جديدة للاحتلال في جباليا استشهاد شاب برصاص الاحتلال في نابلس معبر جديدة يابوس لا يزال متوقفاً.. و وزارة الاقتصاد تفوض الجمارك بتعديل جمرك التخليص السبت القادم… ورشة عمل حول واقع سوق التمويل للمشروعات متناهية الصغر والصغيرة وآفاق تطويرها مدير "التجارة الداخلية" بالقنيطرة: تعزيز التشاركية مع جميع الفعاليات ٢٧ بحثاً علمياً بانتظار الدعم في صندوق دعم البحث العلمي الجلالي يطلب من وزارة التجارة الداخلية تقديم رؤيتها حول تطوير عمل السورية للتجارة نيكاراغوا تدين العدوان الإسرائيلي على مدينة تدمر السورية جامعة دمشق في النسخة الأولى لتصنيف العلوم المتعدد صباغ يلتقي قاليباف في طهران انخفاض المستوى المعيشي لغالبية الأسر أدى إلى مزيد من الاستقالات التحكيم في فض النزاعات الجمركية وشروط خاصة للنظر في القضايا المعروضة جمعية مكاتب السياحة: القرارات المفاجئة تعوق عمل المؤسسات السياحية الأمم المتحدة تجدد رفضها فرض”إسرائيل” قوانينها وإدارتها على الجولان السوري المحتل