لم نكن نعرف أن هذه الشجيرات المزروعة في بعض حدائق مدينة حماة أنها شجيرات الغار تلك الكبيرة برمزها وقيمتها الطبية والعطرية، تصادفت المعرفة بها مع وجود سيدة تقطف منها ورقة ورقة وكأنها تخاف على حواف الورقة من التكسر.
عرفت من خلال حديث سريع معها أنها تقطف ورق الغار لتستعمله (منكهات وتوابل) في المطبخ وتنتظر إلى أن يزهر الغار ويعطي ثماراً فتبيعه إلى من يصنع صابون الغار ليضيفه إليه بطريقة ما وينشر عبقه.. أشارت أم عماد إلى أنه ليست كل الأزهار مثمرة فالشجر المؤنث فقط هو من يحمل ثماراً بحجم حبة الكرز فتقوم بتقطيره يدوياً وتبيعه بثمن جيد كأي زيت عطري غير مغشوش، اختيارها لهذا الشجيرة تحديداً نابع من تجارب أسرتها مع هذا النبات الذي كانوا يأتون به من الساحل (كما قالت).
وفي مراجعة تاريخية لشجرة الغار في سورية فقد تم العثور في فترة سابقة على عملات معدنية فينيقية في جزيرة أرواد السورية تم صكها في صور على أحد وجوهها الإله بعل يرتدي إكليل الغار على رأسه يعود للقرن الرابع قبل الميلاد، كما وجد في النقش التدمري عُقاب بعل شامين يحمل في منقاره غصن الغار في دلالات شتى تتعلق بالنصر والخصوبة الزراعية.
عدا عن شهرة الغار في الحضارات اليونانية والرومانية والتي اشتهرت برموز النصر ووضع أكاليل الغار على جباه الآلهة والشجعان. ولأن الحضارة نبتت من هنا فما زالت أشجارها متألقة فيها وما زال الغار في مدلولاته الحاضرة رمزاً للانتصار على الانكسارات وخيبات الأمل في حرب أخذت الكثير إلا أن أشياء كثيرة ما زالت باقية.
حماة – أيدا المولي
التاريخ: الثلاثاء 7-5-2019
رقم العدد : 16971

السابق