يتحمس صغارنا من عمر الست سنوات أو سبع للصيام في هذا الشهر الفضيل ،وبثقافة تربوية ناضجة يشجعهم الأهل على محاولاتهم ،ويستثمرونها لتغيير بعض سلوكيات أطفالهم المزعجة وعاداتهم غير الصحية ،في البيت والمدرسة والحي ،كضبط فوضى غير مشروعة وحثهم على الصبر وقوة الإرادة وزرع الطمأنينة النفسية في قلوبهم عبر الإحساس الذاتي بالمحتاجين والفقراء .
سواء استطاع هؤلاء الصغار مقاومة الجوع والعطش من طلوع الفجر حتى آذان المغرب أو لم يقدروا أو ابتلعوا تناسيا بعض قطرات الماء، وخلسة لقيمات تخفف من آلام الجوع ،تبقى محاولاتهم مصدر فرح وتفاؤل ولكن ما يبعث القلق اشتراط هؤلاء الأطفال على أمهاتهم الموائد الغنية بالوجبات الدسمة والأطباق المتنوعة ،وذلك لجهلهم بثقافة طعام لم يتعلموها وخصوصا في شهر رمضان ..ويؤكد ذلك كثرة وصفات الطبخ وتزاحم الفضائيات في تقديم أطيب الأكلات ..وتروج لذلك مواقع التواصل الاجتماعي من خلال الكم الهائل من صور طعام فطورنا التي تحصد كماً من الإعجاب من الأصدقاء الافتراضيين بما تحمله من مؤثرات بصرية تجعل الطعام شهياً ولذيذاً .
الفوز بما لذ وطاب على المائدة الرمضانية ،أمر يفرضه الصوم لتعويض الجسم مما افتقده طوال النهار ولتضفي شخصية مميزة للمائدة التي يجب أن تختلف عن بقية الموائد في الأيام الأخرى ولكن اللذة والطيبة لا تقتضي الإسراف والتخمة ،وللست كل الدور في فن وصناعة الطعام من أطباق تقليدية تستطيع أن تخترع أخرى جديدة ومتجددة وبنكهة مختلفة ،وتحضير أصناف متنوعة على أيام بدلاً من تنوعها في ليلة واحدة ،مأكولات تنتمي لثقافة مجتمعنا ،ولا بأس من اصطحاب أطفالنا ومشاركتهم التسوق لهذا الشهر عن طريق التخطيط للنوعيات والكميات المعقولة لتغيير ثقافة الطعام في شهر التغيير ،وشهر الكرم والتكافل الاجتماعي فهل نغتنم فضائله ؟
رويدة سليمان
التاريخ: الأربعاء 8-5-2019
رقم العدد : 16972