استطاعت الدراما التلفزيونية ورغم حداثة عهدها أن تحتل مكانتها بين وسائل التعبير الأخرى، وربما ساعدها في ذلك هيمنة الواقع المرئي وسيطرة ثقافة الصورة على المشهد الفني والثقافي، مايؤكد أهمية أن يلقى هذا الفن عناية كبيرة كونه وكما قال أرسطو «مرآة للحياة» فهو يحمل عبر عناوينه المتنوعة «التاريخية، الاجتماعية، الكوميدية..» رسائل مجتمعية يتلقفها المشاهد وليس دائما بعين الناقد، لذلك وإزاء هذا الكم الهائل من الأعمال الدرامية وخصوصا في الموسم الرمضاني، نرى أن العديد منها لايرتقي إلى أن يكون في مرتبة الدراما التي ترتقي بالذهنية الفكرية عند المتلقي، بل تعتمد على الإبهار التقني والمؤثرات التكنولوجية في تغليب الشكل على المضمون مايفقدها البوصلة الحقيقية لصناعة دراما تليق بالمشاهد.
ولاأظن أننا نختلف حول دور الدراما في ترسيخ مفهوم الفن الهادف والعمل على خدمة قضايا المجتمع، لتقدم قيمة مضافة في إثارة الوعي لدى المتلقي الذي يضم شرائح المجتمع كافة ضمن العائلة الواحدة، ويمنحها بعدا آخر من تفهم الواقع ومواجهة تحديات المرحلة الراهنة ونحن نواجه مانواجهه من غزو ثقافي بات يتغلغل في حنايا وتفاصيل حياتنا.
وهنا نعود بالذاكرة إلى بعض الأعمال الدرامية التي لاقت رواجا كبيرا وقد اتكأت على بعض الروايات فحولتها إلى أعمال هامة لاتزال في الذاكرة «الشراع والعاصفة، بقايا صور لحنا مينة، رجال في الشمس، غسان كنفاني..» والقائمة تطول، فلماذا لانستثمر بعض الروايات في درامانا، وهي تحمل بعدا ثقافيا واجتماعيا وتاريخيا يحاكي بيئتنا وقيمنا وتراثنا، بدل أن نتسول على مائدة الغير ونكون نهبا لثقافات لاتشبهنا وقيم لاتمت إلينا بصلة، ونحن في الآن نفسه نحقق انتشارا للعمل الروائي، ونحفز الأجيال على العودة إلى إرثها الثقافي الغني بالفنون الإبداعية كافة.
نباهي دائما أننا نملك طاقات إبداعية مهمة، وأن الفنان السوري يحتل مكانة مرموقة على الساحة الفنية العربية، فلماذا لايكون رباناً للعمل الذي يقود الدراما إلى مكانتها التي تليق بها، لتستقر في ذاكرة الخلود، وتتمثل مقولة» لانريد صناعة دراما جميلة، بل نريد صناعة دراما مفيدة.
فاتن دعبول
التاريخ: الثلاثاء 28-5-2019
رقم العدد : 16988
السابق
التالي