ينشغل المشهد الثقافي العالمي بالاحتفاء باليوم العالمي للشعر، في بادرة قامت بها منظمة اليونيسكو المعنية بشؤون التربية والعلوم والثقافة، لإحياء نوع من أهم الأنواع الأدبية، وللتأكيد على دور الكلمة المكتوبة والمتعة التي تجلبها بالحروف التي لا يخبو بريقها ولا يبطل مفعولها بتعاقب العصور والعقود.
الشعر الذي لطالما كان يشكّل أحد أشكال التعبير عن الهوية اللغوية والثقافية، قد انحسر دوره في ظل تطور الفنون الأخرى” السينما، المسرح، الموسيقا، الرسم ..” ولم يعد ديوان العرب الذي يسجل أيامهم ووقائعهم وبطولاتهم وانتصاراتهم، ولكنه وفي الآن نفسه يحاول أن يجد له مكاناً بين الفنون الأدبية التي بدأت تنتشر في العصر الحديث كالرواية والقصة والمسرحية، في محاولة لإعادة ألقه عبر فرسانه من الشعراء الذين آمنوا أن للشعر سطوته ودوره في تكريس العلاقات الإنسانية، وأيضاً في بث رسائل الحب والخير والجمال.
وجميعنا يدرك أن وطأة الحياة القاسية، وضغوطها التي لا نكاد نفلت منها ربما إلا بالموت، قد ساهمت في انحسار دور الشعر، رغم أنه الأقدر على تقدير المشاعر وإيصال القيم الإنسانية التي تتقاسمها الشعوب جميعها، ما يؤكد أهمية النهوض بهذا النوع من الفنون الأدبية، والمسؤولية لا شك تقع على غير جهة ثقافية ومؤسسة تعليمية، من أجل إعادة المسابقات الشعرية، والتعرف على أعلام الشعر ونتاجاتهم الخالدة، والغوص في طقوسهم الحميمية، وما أحوجنا في عالمنا التكنولوجي إلى العودة لأرواحنا وتغذيتها بما يعيد إليها الحياة من جديد.
ولأن الشعر أصبح ديواناً للغة وأحد كنوزها الذي لا ينضب، وهو قبل كلّ شيء قوت للقلوب الذي نحتاج إليه جميعاً ليعيننا على مواصلة حياتنا، فلابد أن نسعى ليأخذ الشعر مكانه الصحيح في المجتمع، وتنقيته من الدخلاء عليه، والمتطفلين على محرابه المقدس، ليكون كما كان دائماً صوت الإنسانية النابض بالحق والخير والجمال.
وفي اليوم العالمي للشعر، نشعل شمعة مضيئة من أجل الدعوة إلى سلام البشرية والارتقاء باللغة وسيلتنا إلى الحوار والتسامح والعطاء، وقبل كلّ شيء، الحفاظ على هويتنا الوطنية وقيمنا الإنسانية.
رؤية – فاتن أحمد دعبول