ربما يستهجن البعض الحديث عن الحبّ في زمن يكابد فيه الناس ما يكابدونه من ضغوط اقتصادية ونفسية والكثير مما خلفته الحرب من تبعات ملأت النفوس حتى آخرها، حتى لا تجد متسعاً من الوقت والمشاعر للتفكير بما يطلق عليه الحبّ.
ولكن وعلى حدّ قول شاعرنا نزار قباني” برغم الحزن الساكن فينا ليل نهار، وبرغم الريح وبرغم الجو الماطر والإعصار، الحبّ سيبقى يا ولدي أحلى الأقدار.
ولأن الوفاء هو لون من ألوان الحبّ الزاهية، شهدنا بالأمس وفي صرح من صروح الوطن” مكتبة الأسد الوطنية”، تكريم عدد من الإعلاميين في العيد الماسي للإذاعة، فالاعتراف بجهود من بذلوا الوقت والجهد من أجل أن تنهض إذاعة دمشق وتتألق وتستمر دون انقطاع، هو حبّ بامتياز، وما قام به الإعلاميون عبر برامجهم المتجددة دوماً، والناطقة بلسان حال المواطن وهمومه وأحلامه وطموحاته هو حبّ أيضاً بامتياز.
وإن كان الوفاء هو الوجه المشرق للحبّ، فإن تكريم الشهداء من الإعلاميين له أصداؤه الطيبة، فلطالما اجتهد الإعلاميون وتابعوا عملهم رغم استهدافهم في غير موقع وغير مهمة، لكن إيمانهم بعملهم دفعهم ليكونوا شهداء الكلمة وشهداء الحقيقة الناصعة التي حاول الأعداء تشويهها وطمسها بإدعاءاتهم الكاذبة، ووحشيته التي لم يشهد التاريخ لها مثيلاً.
فليس الحب اختصاراً لعلاقة عابرة أو حالة رومانسية، بل تتسع آفاقه ليشمل علاقاتنا الإنسانية كافة، وكم بتنا في زحمة حياتنا المادية نفتقد لحميميته ولصدق معانيه، نتدثر بدفئه، وننعم بطقوسه، ونعيش تفاصيل كانت تنعش حياتنا بأن القادم دائماً يحمل في طياته أحلاماً وأمنيات هي الأجمل.
اليوم وقد أعلن الحبّ زيارته المعتادة، وبغض النظر عن اختلاف الآراء حول قبوله أو رفضه، ليكن بداية جديدة نمسح عن كاهلنا تعب السنين العجاف، ونبتسم للقادم من الأيام، علّنا نعين أنفسنا على حياة أقل قسوة، ونمنح الوجود نكهة الفرح والتفاؤل، مستبشرين بمقولة جلال الدين الرومي” العطر يبقى دائماً في اليد التي تعطي الورد”.
طوبى لعشاق الوطن والأرض، ولشهداء عشقوا فأخلصوا، فكانوا عطراً.
رؤية -فاتن أحمد دعبول