رغم تجاهلها في الكثير من المواقع وعدم منحها المكانة التي تليق بها، والاعتراف بدورها المؤثر الذي تضطلع به، استطاعت المرأة أن تكون حاضرة في ميادين الحياة كافة، ولكنّها احتلت مكانتها الأبرز في عالم الفكر والإبداع والتأليف والنشر، فكانت الشاعرة والروائية والناقدة الحصيفة، التي تتبوأ المنابر، وتصنع في مجتمعها فرقاً.
وقد حفل تاريخ الأدب السوري خصوصاً بأسماء أنثوية لاتزال نتاجاتها خالدة في عالم الإبداع والتعبير الإنساني، بدءاً من مريانا مراش التي أسست الصالونات الأدبية، ووصولاً إلى مبدعات كثيرات” ألفت الأدلبي، غادة السمان، كوليت خوري وغيرهن ..”
وقد برهنت المرأة الأديبة على أنها خير من ينتج أدباً، وذلك أنها الأقدر على سبر معاناة أفراد مجتمعها والإحساس بقضاياه والاهتمام بشؤونه، من خلال مشاعر وجدانية تسكن في حنايا روحها، وقلب ينبض بالحبّ لكلّ ما فيه الخير والعطاء لأبناء جلدتها جميعهم، يحدوها ذاك الإحساس بالمسؤولية الكبيرة للكلمة المؤثرة والتي تصنع فرقاً في المجتمع، عبر تكريس الوعي وبناء الفكر، والنهوض بواقع المجتمع أولاً ومن ثم النهوض بواقع المرأة على وجه الخصوص.
واليوم إذ يحتفل العالم بيوم المرأة العالمي، وينشغل الجميع بحقوق المرأة ودورها الفاعل في المجتمع، لابدّ أن نؤكد أن المرأة لم تكن في يوم من الأيام بعيدة عن مجتمعها، بل على العكس تماماً، هي حاضرة في كلّ مكان، حتى مع الصفوف الأمامية في الحروب والنزاعات، ولكن صوت الحقيقة يخبو أحياناً، ليسلبها حقّها في التميّز والظهور.
ويجب أن نعترف أننا ورغم ما نشاهده من التهليل والتطبيل لأعياد المرأة، فما زلنا نفتقد لتلك النظرة الموضوعية لدور المرأة الحقيقي في تنشئة الأجيال وبناء المجتمعات والمساهمة في عملية البناء وخلق الرموز الوطنية والعلمية والفكرية، ورغم الشعارات البرّاقة التي تكتف هذه المناسبة، وأنها على حدّ قول البعض” الحاضنة الأساس للإبداع”، فما زالت في نظر البعض ليست في سلم الأولويات.
ولكن في أيامها الأنثوية، نقطف باقة نجوم تليق بعطائها وإبداعها، فهي سفيرتنا إلى عالم الإبداع، تتابع مسيرة جدّاتها الأديبات على دروب المجد والتألق.
رؤية -فاتن أحمد دعبول