الفصلُ الأخير يُكتب في هذه الأثناء، تُثبِّت فيه القوى المُنتصرة انتصاراتها، بإلزام الخصوم على التوقيع إقراراً، واعترافاً، أو بالاكتفاء بمَنحهم فرصة لململة الأشلاء والمغادرة؟ أم أنه ليس هناك من فصل أخير أو حتى فصول أخيرة يمكن كتابتها طالما أن أميركا هي العدو، ولطالما جَمعت في كل مشاريعها بين الصهاينة والأعراب، وضَمنت دائماً التحاقَ الغرب؟.
قد تَختلف، وقد تتفق، أطراف هنا وأخرى هناك على أن الفصول الأخيرة بمسارات مُتعددة تُكتب الآن، وكان لا بُد لها أن تُكتب، بل قد آن أوان كتابتها بالزخم الحاصل وبذات الأيدي والقَبضات التي تَكتُبُ في سورية، بالعراق، في اليمن، في فلسطين، ودائماً مع طهران التي يَكتشف الأميركي كم كان مُخطئاً في كل تقديراته – الحالية والسابقة – المُتعلقة بها، ما زال يُقيم في حالة الصدمة!.
مهما تَباينت الرؤى، ومهما اختلفت القراءات، فإنها ستَجتمع حُكماً على ما لا يُمكن تَجاهله، وعلى ما لا يمكن تزويره، ليكون بذلك فصلاً أخيراً أو ما قبل الأخير الذي سيُقفل مرة واحدة وإلى الأبد ربما هذا الملف أو ذاك، نَتَحدث عن وَهمِ اللص أردوغان على سبيل المثال، نتحدثُ عن الجولان الذي بَقي وسيَبقى سورياً، وعن القُدس التي لن تُغير فيها شيئاً كل مَخازين العالم من الحبر حتى وهي تُوضع بيد أمثال ترامب وتُسخّر له!.
ما نحن مُتيقنون منه، هو أننا نكتب في سورية آخر فصول الانتصار على الإرهاب كمشروع صهيوأميركي التحقَ به اللص وتوهم مع الأعراب – حلفاء الأمس خصوم اليوم – الكثير، لكنه يُدرك اليوم ربما أن فَصلاً أخيراً يُكتب في إدلب وشمال حلب، خلافاً لكل ما صوّر له خياله العثماني من أوهام، ذلكَ على الرَّغم من أنه وقيادة محور العدوان لم يُقصر أيّ منهما في شيئ، بل قدما أقصى ما يمكن للمُرتزقة وللتكفيريين الدواعش ومُشتقاتهم!.
الفصلُ الأخير الذي تُسطره قواتنا المسلحة وبواسل جيشنا مع الحلفاء والشركاء في مواجهة تحالف العدوان وأدواته المُتعددة على الأرض وفي مَيادين النفاق السياسي والإعلامي، هو في الحقيقة: المُقدمة التي سَمحت لكل فَرضيات الانتصار، خياراته واحتمالاته، أن تُبنى، أن تُطرح، وأن تتزايد وتمتد لتَشمل باقي الجبهات المَفتوحة، والمَسارات التي بالتناوب تفتحها قوى الشر وترفض إقفال أي منها.
اليوم يَتبين، وغداً سيكون أكثر جلاءً المشهد، الموقف، الأمر، الصور: مياهُ الخليج، ما الذي جعلها تَفتر من بعد غليان؟ المنامة، ما الذي أُريد التخطيط لاختطافه فيها، وما الذي بَقي منه ليُختَطف؟ وهكذا فليَنظر لو شاء ترامب، نتنياهو، بن سلمان، اللص أردوغان، أحدُهم، أو جميعهم مُجتمعين مع ماكرون وماي، باليمن والعراق، وفي لبنان حيث يبحث ساترفيلد ما هو مُكلف به صهيونياً.. ومن بَعدِ إمعان النظر سيكون مُتاحاً لا شك التحديق في سلال العدوان وحقائبه، ليس فقط تفقدها أو اختبار وزن الريشة الذي تحولت له من بعد تَمزقها!.
كتب علي نصر الله
التاريخ: الأربعاء 29-5-2019
الرقم: 16989