عدت من السوق مغتبطاً على غير عادتي وأنا أحمل عدداً من الأكياس السوداء الثقيلة، فبادرتني زوجتي بسؤالها الاعتيادي الملغوم..
ــ ما سر سعادتك وأنت القادم من مكان تكرهه وتتأفف منه..؟!
ــ نزل.. نزل (الأخضر) إلى الخمسين ليرة.. وقد اشتريت بكل النقود التي بحوزتي..!
ــ عن أي أخضر تتحدث أيها المجنون.. ونشرة أسعار العملات تحدثت اليوم عن تحليق الدولار فوق الـ (600) ليرة..؟!
ــ (دخيل ربِّك) مَنْ جاء على سيرة الأخضر الملعون.. أنا أتحدث عن الخيار..!!
وما إن نطقت عبارتي حتى تغيرت ملامحها وعادت لتسألني بغضب..
ــ (خيار شو) يا رجّال اشتريت منه كل هذه الكمية..؟!
ــ خيار بلدي.. ثم أخرجت حبة صغيرة وقلت لها (أصابع الببو يا خيار)..!
ــ وما حاجتنا للخيار وليس في بيتنا أي شيء للأكل..؟!
عندها نفشت ريشي مثل الديك كما لو أني حجزت مقعداً مريحاً في سرفيس..
ــ ألم تسمعي السياسيين وهم يقولون إنه (الخيارالاستراتيجي) لمواجهة الأزمات، فلعله يكون استراتيجياً في مواجهة موجة الغلاء..!
فاستدارت نحو الأكياس وقلبتها لتعثر فيها على حبة خيار ضخمة بحجم يقطينة وقالت مهددة:
ــ وهل سنكتفي بخيارك الاستراتيجي هذا طوال الشهر..؟!
هنا انتفضت بكل فهلوية ملتمساً الخروج من مأزقي..
ــ ألم تسمعي الشيف انطوان والتيتة لطيفة يقولان.. الخيار صيدلية كاملة بالنظر إلى فوائده الغذائية والطبية..!
في السرفيس ويبدو أنني غفوت قليلاً بسبب الإجهاد، استيقظت على سيدة ضخمة تجلس إلى جانبي وفي يدها (خيارة) عملاقة (تقرمطها) بشهية مفتوحة مصدرة صوتاً مزعجاً، في حين كان السائق يرغي ويزبد.. بدّي خمسينات يا (….) من وين بدي لحقلكم فراطة..!
عبد الحليم سعود
التاريخ: الاثنين 1-7-2019
الرقم: 17013