ورشة البحرين.. وخُفي حنين..!

 

خلص الكثير من المراقبين غير الملزمين بتوجهات إدارة ترامب إلى نتيجة مفادها أن (ورشة العمل) الأخيرة التي عقدت في البحرين لم تكن في أفضل الأحوال سوى لقاء لإقامة نوع من العلاقات العامة، وإن أوغلنا في التفاؤل، فإنها لم تكن إلا فرصة لتوقيع عقود بين رجال الأعمال الإسرائيليين والخليجيين، وفي واقع الأمر، يلاحظ أن هذا الاجتماع لم يسفر عنه ما هو جدير بالذكر أو الاهتمام، ويعود ذلك لسبب بسيط ألا وهو أن المحنة الفلسطينية ليست بالمحنة الاقتصادية وإنما أزمة سياسية بامتياز، فضلاً عن أن العالم العربي الذي يزعم تمسكه بالقضية الفلسطينية غالباً ما يكتفي بإطلاق الأقوال دون اتخاذ الأفعال.
أما على مستوى العلاقات غير الحكومية، فإن هذه الورشة لم تحقق ما كان يطمح إليه منظموها، وفي هذا السياق، ذكر رجل أعمال عربي بارز من منطقة الشرق الأوسط حضر المؤتمر أنه لم يكن إلا(مؤتمراً ضعيفاً لم يفضِ إلى نتائج ملموسة، ذلك لأنه من المتعذر تحقيق أي تقدم من خلال مقاربة أحادية الجانب، كما أن رئيس الوزراء البريطاني السابق توني بلير الذي تحدث في المؤتمر كان صريحاً في أقواله، عندما قال أنه من المتعذر مناقشة أي خطة اقتصادية قبل التوصل إلى حل جذري للقضية السياسية) علماً بأن هذه العبارات أطلقها رجل أعمال اعتاد زيارة إسرائيل، لكن بذات الوقت، يلاحظ أن دول الخليج تقدم الدعم لرجال الأعمال الإسرائيليين الذين يحطون لديها عادة، مستخدمين جواز سفر بريطاني أو أميركي أو كندي أو أي جواز سفر آخر.
ثمة أمر أثار البلبلة واللغط بدرجة أكبر ألا وهو إقامة صلاة الصباح اليهودية في البحرين التي يؤديها الإسرائيليون وتجري أيضاً في بعض دول الخليج منذ فترة من الزمن، وفي ضوء هذا الواقع، سيصبح حاخام أميركي زعيماً لواحدة من تلك التجمعات اليهودية المنفية، وبعبارة أخرى، نرى أنه حتى لو ارتبطت عملية الصلاة اليهودية مع ورشة العمل فلا يمكن النظر إلى ذلك باعتباره أمر هام.
ليس من جديد فيما روجت له إدارة ترامب من توقعات وآمال لجهة ورشة العمل، إذ ثمة اعتقاد لدى جاريد كوشنير ومفاوض السلام الأميركي جيسون غرينبلات أن (صفقة القرن) التي طرحاها تعد من أفضل ما جرى طرحه خلال السنوات الثلاث الأخيرة، ويبدو أنهم بذلوا شتى الجهود والمساعي بغية الإسراع في قطف ثمار جهدهم.
لا ريب أن دول الخليج راضية تماماً عما تم التوصل إليه من الإبقاء على العلاقات المفتوحة مع إسرائيل، إذ يلاحظ أن وزير الخارجية البحريني حمد آل خليفة قد صرح لصحفي إسرائيلي منذ وقت طويل بقوله: (بتقديرنا نرى أن إسرائيل وجدت لتبقى، وإننا نرغب بإقامة علاقات أفضل معها ونريد أيضاً إرساء قواعد السلام بيننا). ومن المؤكد أن البحرين نادراً ما تعمد إلى التصرف بأي أمر دون دعم وموافقة صريحة أو ضمنية من الرياض، لذلك بات من الواضح أن السعوديين لديهم ذات الرغبة، الأمر الذي بدا جلياً من خلال العلاقات الوثيقة بين محمد بن سلمان وكوشنير.
لكن الشيخ خالد طرح شرطاً إضافياً ألا وهو ضرورة تفاوض إسرائيل مع الفلسطينيين وفقاً لمبادرة السلام العربية التي أعلنت للمرة الأولى عام 2002 وجرى المصادقة عليها عام 2007، وتدعو هذه المبادرة إلى تراجع الدولة اليهودية إلى حدود عام 1967 وإنشاء دولة فلسطينية تكون القدس الشرقية عاصمة لها، وليس من قبيل المصادفة إعادة الترويج لمبادرة السلام العربية التي سبق وأن أطلقها الملك عبد الله بن عبد العزيز، ولذا فإن الشيخ خالد كان صادقاً حول تطوير العلاقات المفتوحة مع إسرائيل الأمر الذي كان يعبر عنه في الماضي بشكل سري، والتزاماً منه بتوجهات جاره السعودي، فقد مهد (الشيخ خالد) الطريق لإقامة هذه العلاقات من خلال التعبير عن الالتزام بالشرط السياسي، ذلك الأمر الذي رفض كوشنير مناقشته.
ليس من السهولة بمكان التوصل إلى معرفة الجهة التي يسعى كوشنير إلى خداعها، إذ من المسلم به أنه لا يرمي البتة لخداع بنيامين نتنياهو الذي دأب على صرف جل اهتمامه لضم أجزاء من الضفة الغربية بدلاً من منحها حق الاستقلال الذي ترغب به. كما أنه من السذاجة بمكان أن يستغبي الفلسطينيين الذين يعطون الأهمية القصوى لقضيتهم بشكل يفوق أي حديث عن زيادة الانتاج المحلي، بالإضافة إلى ذلك، فإنه لن يستطيع خداع حتى الدول العربية التي تعتقد بصواب أدائه، ونافلة القول، أن كوشنير لن يستطيع خداع أي طرف من الأطراف وبالمحصلة فإنه لن يخدع إلا نفسه.

 

National Interest
ترجمة: ليندا سكوتي
التاريخ: الخميس 11-7-2019
رقم العدد : 17021

آخر الأخبار
الأتارب تُجدّد حضورها في ذاكرة التحرير  الثالثة عشرة وزير الطوارئ يبحث مع وزير الخارجية البريطاني سبل مكافحة حرائق الغابات تحية لأبطال خطوط النار.. رجال الإطفاء يصنعون المعجزات في مواجهة حرائق اللاذقية غابات الساحل تحترق... نار تلتهم الشجر والحجر والدفاع المدني يبذل جهوداً كبيرة "نَفَس" تنطلق من تحت الرماد.. استجابة عاجلة لحرائق الساحل السوري أردوغان: وحدة سوريا أولوية لتركيا.. ورفع العقوبات يفتح أبواب التنمية والتعاون مفتي لبنان في دمشق.. انفتاح يؤسس لعلاقة جديدة بين بيروت ودمشق بريطانيا تُطلق مرحلة جديدة في العلاقات مع دمشق وتعلن عن دعم إنساني إضافي معلمو إدلب يحتجون و" التربية"  تطمئن وتؤكد استمرار صرف رواتبهم بالدولار دخل ونفقات الأسرة بمسح وطني شامل  حركة نشطة يشهدها مركز حدود نصيب زراعة الموز في طرطوس بين التحديات ومنافسة المستورد... فهل تستمر؟ النحاس لـ"الثورة": الهوية البصرية تعكس تطلعات السوريين برسم وطن الحرية  الجفاف والاحتلال الإسرائيلي يهددان الزراعة في جنوب سوريا أطفال مشردون ومدمنون وحوامل.. ظواهر صادمة في الشارع تهدّد أطفال سوريا صيانة عدد من آبار المياه بالقنيطرة  تركيا تشارك في إخماد حرائق ريف اللاذقية بطائرات وآليات   حفريات خطرة في مداخل سوق هال طفس  عون ينفي عبور مجموعات مسلّحة من سوريا ويؤكد التنسيق مع دمشق  طلاب التاسع يخوضون امتحان اللغة الفرنسية دون تعقيد أو غموض