إعادة إحياء مؤسسة التجارة الخارجية.. 50 مليار ليرة كقرض لتفعيل أنشطتها.. وخطة لتحصيل 66 ملياراً ديون على القطاع العام
يعطي التوجه الحكومي نحو الدفع بمؤسسة التجارة الخارجية لإثبات حضورها في السوق السورية وادارتها بعقلية التاجر تفاؤلاً كبيراً لجهة كسر الاحتكار وتحقيق التنافسية وتخفيض الأسعار، وذلك عبر تحويلها الى منافس حقيقي وذراع تجارية حكومية لاسيما أنها تمتلك مفاتيح مهمة لتغيير معادلات التحكم بالسوق لصالح بعض التجار.
فمنح مبلغ 50 مليار ليرة سورية مؤخرا كقرض للمؤسسة لتوسيع نشاطها في مجال الاستيراد إضافة إلى تكليف وزارتي المالية والاقتصاد وهيئة التخطيط والتعاون الدولي بتسوية الديون المترتبة لمصلحة المؤسسة على جهات القطاع العام، فرصة حقيقية لإثبات نفسها «كتاجر» له وزنه في تحريك الأسواق إيجاباً ، وتسجيل أفضل المؤشرات الاقتصادية ضمن ظروف استثنائية.
في الجيب
دعم المؤسسة عبر منحها قرضا بقيمة 50 مليار ليرة لتوسيع دائرة نشاطها في الاستيراد والتصدير أيضا ، يعتبر رأسمالا إضافيا في محفظة «تاجر مؤتمن» لا تنقصه الخبرة في قطاعه ، فهناك إمكانات لوجستية متاحة لعمل المؤسسة من ناحية الاستيراد، أولها -كما يبين مدير المؤسسة شادي جوهرة- القدرة على تنظيم تصاريح الاستيراد باسمها ولصالح الجهات العامة المستفيدة باعتبارها جهة مفوضة بذلك، وامتلاك فروع مرفئية إلى جانب كادر متخصص بعملية التخليص الجمركي، وبالتالي فإن عملية تخليص المواد المستوردة جمركياً تتم من قبل المؤسسة دون الحاجة لأي وسيط في هذا المجال.
وتعتبر المؤسسة مستورداً لمواد مشتراة بغرض البيع، وبالتالي فإن مسؤولية تصديق عقودها من مهام مجلس إدارتها، لافتا إلى امتلاكها خبرة متراكمة في تنظيم العقود التي تضمن حقوقها بالطريقة التي تلبي احتياجات القطاع العام من دون تأخير، فهي تعتبر تاجراً في علاقتها مع الغير، وتضطلع بمهام الاستيراد والتصدير للمواد الكيميائية والغذائية، الأدوية والمواد الصيدلانية، الأخشاب والمعادن والأنابيب بأنواعها ومواد البناء، الآليات وهياكلها والإطارات وقطع التبديل، والمواد النسيجية وغيرها، إضافة إلى القيام بأعمال الوكالة داخل سورية وخارجها والحصول على وكالات جديدة وتسجيلها باسمها، وتقوم المؤسسة بالمهام الموكلة إليها لحسابها أو بالعمولة لحساب جهة أخرى من خلال هذه المهام.
أي إن هذه الإمكانات تعطي مرونة كبيرة لعمل المؤسسة في عمليات الاستيراد، وما إلى ذلك من أثر على تقليص المدد الزمنية اللازمة لهذه العمليات وتكاليفها لاسيما ما هو متعلق بعمليات التخليص وما شابه.
سلسلة تخفيض الأسعار يبدو أنها أصبحت الهاجس الأكبر لدى الحكومة عبر تفعيل مؤسساتها والتشبيك بينها كحلقات متكاملة بدءا من مؤسسة التجارة الخارجية والتي ستعمل «كتاجر « يستورد لصالح «موزع» وهو السورية للتجارة ، حيث خصصت الحكومة مؤخرا 25 بالمئة من مستوردات القطاع الخاص الممولة من المصرف المركزي للمؤسسة السورية للتجارة لطرحها في الأسواق بأسعار مدروسة ، وتوسيع حزمة المستوردات من المواد الأساسية وتأمين الاحتياجات المطلوبة في الأسواق المحلية عن طريق مؤسسة التجارة الخارجية لمصلحة السورية للتجارة والقطاعات العامة الأخرى وتوسيع الاستيراد المباشر دون وسطاء لكسر الاحتكار وتحقيق التنافسية وتخفيض الأسعار.
تسوية الديون المترتبة لمصلحة المؤسسة
لكن هناك جزئيتين غالبا ما تتطرق لهما المؤسسة و تقول إنهما سبب أساسي في تراجع الأداء، الأولى الديون المتراكمة للمؤسسة على جهات القطاع العام الأخرى، والثانية نقص الكوادر المؤهلة ، ربما حل هاتين الجزئييتن لن يكون بالسرعة التي تتطلبها المرحلة لكن على الأقل تم الشروع في هذا الطريق عبر تكليف الجهات المعنية ومنها وزارتي المالية والاقتصاد وهيئة التخطيط والتعاون الدولي ومجلس الإدارة بتسوية الديون المترتبة لمصلحة المؤسسة على جهات القطاع العام والتي بلغت حتى تاريخ 30/6/2019 نحو 66 مليار ليرة سورية.
أما بالنسبة لنقص الكوادر فقد تم تكليف المؤسسة بوضع نظام حوافز متطور لعمالها والاستمرار في تدريبهم وتأهيلهم وإجراء دراسة لتقييم كوادرها وحاجتها من الأيدي العاملة لترميم النقص الحاصل، علما أن الملاك العددي للمؤسسة يصل إلى 2946 عاملاً ، ويبلغ عدد العاملين القائمين على رأس عملهم 1471 عاملاً ، وتوضح المؤسسة هنا نسبة تسرب العمالة لديها من تاريخ إحداثها حتى تاريخه تقريباً بنسبة 50بالمئة من عدد العاملين .
كما تبين المؤسسة أن نسبة العناصر الشابة بالمؤسسة ممن هم تحت عمر الـ 35 عاماً لا تتجاوز نسبة 8,94 بالمئة من عدد العاملين بينما تتركز العمالة في المؤسسة بين الشريحتين العمريتين من 46 سنة إلى 55 سنة ومن 36 سنة إلى 45 سنة، وبالتالي فإن المؤسسة كهلة وبحاجة لرفدها بعناصر شابة وخاصة من حملة الإجازات الجامعية، كما تعاني من نقص في بعض الشهادات الاختصاصية لا سيما الصيدلة و المعلوماتية و هندسة الميكانيك والآليات.
استعادة الدور
على مدى أكثر من 50 عاماً قامت المؤسسة بنشاطها التجاري من استيراد وتصدير ما أكسبها خبرات كبيرة مكنتها من القيام بأداء عملها على الوجه الأفضل والقدرة على التعاون المرن مع الشركات الأجنبية، وإيجاد الحلول المناسبة لكل مشكلة بالشكل الذي يضمن تأمين احتياجات القطاع العام بأفضل الشروط والكميات المطلوبة دون حدوث أي انقطاع وخاصة في ظل الظروف الراهنة، لكن هناك قرارات كما تبين المؤسسة في مذكرة لها أسهمت في تقليص حجم أعمال المؤسسة العامة للتجارة الخارجية التي راكمت خبرات تجارية على مدار عقود من خلال سحب جزء من أعمالها لصالح جهات أخرى .
حيث أن إلغاء الحصر والقيد والعمولة الواجبة على كافة المستوردات للمؤسسات الحصرية ومنها المؤسسة العامة للتجارة الخارجية عدا السيارات والآليات والإطارات بكافة أشكالها وفق المرسوم 61 لعام 2009 فسح المجال للقطاع الخاص بالاستيراد دون العودة إلى المؤسسة لكنه لم يلغ دورها في الاستيراد لصالح الجهات العامة ، وفي عام 2015 تم حصر استيراد كافة المواد المطلوبة من قبل جهات القطاع العام بالمؤسسة العامة للتجارة الخارجية والمذكورة بمرسوم إحداثها رقم 120 لعام 2003 ، لكن في العام نفسه 2015 صدر تعميم تضمن الطلب إلى كافة الجهات العامة موافاة المؤسسة العامة للتجارة الخارجية باحتياجاتها من المواد المطلوبة ليتم تأمينها من قبلها أصولاً باستثناء الجهات العامة التي منحتها النصوص القانونية النافذة حق الاستيراد المباشر دون العودة إلى المؤسسة العامة للتجارة الخارجية.
وتوضح المذكرة أن هذه الموافقات الاستثنائية التي حصلت عليها بعض الجهات العامة للقيام بعملية الاستيراد تتعارض مع مرسوم إحداث المؤسسة وأسهمت في تقليص حجم أعمال المؤسسة العامة للتجارة الخارجية .
فهناك عقبات ومشكلات عديدة تواجه عملية الاستيراد في المؤسسة كما يقول مديرها العام من أهمها مفرزات قرارات العقوبات الأوروبية والأميركية المفروضة على سورية، وضعف إمكانية التعامل المباشر مع الشركات الأجنبية الأم، إضافة الى صعوبة التسويات المالية مع الشركات الأجنبية التي ستقوم بالتوريد إلى سورية بموجب اعتمادات مستندية إلا في حدود ضيقة تبعاً لإمكانات المصارف العاملة المحلية وتبعاً لطبيعة المواد المستوردة، الأمر الذي يمكن التعامل معه من خلال الدفع بموجب حوالات مصرفية أو نقداً، أيضا عزوف شركات الشحن الأجنبية عن شحن البضائع السورية خوفاً من إدراجها على قوائم العقوبات، وهذا الأمر ينسحب على شركات التأمين العالمية مما أدى إلى ارتفاع تكاليف الشحن والتأمين، لكن يتم التعامل مع هذه العقوبات وفق الإمكانيات المتاحة.
دمشق – خاص
التاريخ: الاثنين 29-7-2019
الرقم: 17036