حوامل الطاقة بوابة لإنعاش الصناعة وتحفيز الاستثمار.. خطوات حكومية جادة لدعم المنتج الوطني

الثورة – لينا شلهوب:
في ظل التحديات الاقتصادية العميقة التي تركتها سنوات الحرب والإدارة السابقة غير الرشيدة، بات من الواضح أن دعم القطاع الصناعي لم يعد خياراً، بل ضرورة وجودية لاستمرار عجلة الاقتصاد الوطني.. فمع ترهّل القطاعات الإنتاجية، وتآكل قدراتها التشغيلية، باتت الدولة أمام مسؤولية تاريخية لإعادة ضبط البوصلة الإنتاجية، وتوفير بيئة محفّزة تدفع الصناعة نحو الانتعاش.
ومن هنا، بدأت الحكومة تتخذ خطوات جادّة لتوفير حوامل الطاقة بأسعار مدروسة ومدعومة، بهدف تخفيف الأعباء التشغيلية على المنشآت الصناعية، ودعم تنافسية المنتج المحلي، وفتح آفاق جديدة للاستثمار الصناعي في البلاد.
توسيع مجالات الاستثمار
ضمن هذا الإطار، التقى وزير الاقتصاد والصناعة الدكتور محمد نضال الشعار نظيره التركي وزير الصناعة والتكنولوجيا محمد فاتح كاجر، في مباحثات تمحورت حول تعزيز التعاون الصناعي والتقني بين البلدين، وتوسيع مجالات الاستثمار المشترك، بما يخدم المصلحة الاقتصادية للجانبين، ويخلق بيئة صناعية أكثر ديناميكية وقدرة على التفاعل مع التحديات الإقليمية والدولية.
ويأتي ذلك في سياق رؤية جديدة تسعى الحكومة من خلالها إلى استقطاب استثمارات نوعية، وتحقيق تكامل صناعي إقليمي قادر على الاستفادة من الميزات النسبية والجغرافية، وتحويلها إلى فرص حقيقية للنمو والتشغيل.

إرث ثقيل من التحديات الإنتاجية

في لقاء أجرته صحيفة الثورة مع الصناعي علي بلال، بيّن أنه رغم الجهود المبذولة، لا تزال قطاعات الإنتاج السورية ترزح تحت وطأة إرث ثقيل من المشكلات المتراكمة، الناجمة عن سنوات من سوء التخطيط، وسوء الإدارة، وضعف التنفيذ، بالإضافة إلى الفساد والسرقات، التي أدت مجتمعة إلى تآكل البنية الإنتاجية، وفقدانها القدرة على المنافسة، سواء في السوق المحلية أو الخارجية.
فالمعوقات التي يعاني منها القطاع الصناعي ليست جديدة، لكنها تفاقمت مع مرور الوقت، مما استدعى تحركاً حكومياً أكثر واقعية وجديّة، لمعالجة هذه الإشكاليات من جذورها، خصوصاً فيما يتعلق بتكلفة التشغيل المرتفعة، وارتفاع أسعار حوامل الطاقة، التي تشكّل المكوّن الأكثر حساسية في حسابات التكلفة لأي منتج.
وأشار الصناعي بلال إلى أن الحكومة كشفت عن حزمة من الإجراءات التي تهدف إلى توفير حوامل الطاقة للصناعيين بأسعار مدعومة ومدروسة، وذلك بالتنسيق مع وزارة الطاقة وهيئة المنافذ البرية والبحرية، وشملت هذه الإجراءات: تأمين مخصصات الغاز الصناعي بسعر مدعوم لتلبية احتياجات المنشآت الإنتاجية، وتخفيض سعر الفيول الصناعي من 610 آلاف ليرة إلى نحو 550 ألف ليرة للطن، وهو ما يمثّل انخفاضاً بنسبة تقارب 10 بالمئة، ما ساهم في تقليص الكلفة التشغيلية، وزيادة تنافسية المنتجات الوطنية، موضحاً أن المعنيين في وزارة الاقتصاد أكدوا أن هذه الإجراءات ليست سوى بداية لخطة أوسع تتضمن تطوير البنية التحتية الصناعية، وتحديث قوانين الاستثمار، وتوفير الدعم اللوجستي والمالي للصناعيين.

عنصرا التوازن والإنتاجية

كما يشير الصناعي بلال إلى أهمية معالجة مسألة حوامل الطاقة من منظور شامل، إذ يرى أن توفر المحروقات (المازوت– الغاز– البنزين) بأسعار قريبة من أسعار دول الجوار هو الحد الأدنى المطلوب لتحقيق تنافسية عادلة، موضحاً أنه عندما تكون حوامل الطاقة مرتفعة، فإن تكاليف الإنتاج ترتفع، وهذا ينعكس بشكل مباشر على المستهلك من خلال الغلاء وازدياد معدلات التضخّم، خاصة في المنتجات التي تعتمد على النقل أو الطاقة بشكل كبير.
ويشدّد على أن الغاز والفيول الصناعيين يشكلان عنصري توازن في العملية الإنتاجية، فكلما انخفض سعرهما، تقلّصت كلفة الإنتاج، وزادت ربحية المنشآت، ما يعزز من قدرتها على المنافسة، وجذب مستثمرين جدد، وخلق فرص عمل، وتحسين مستوى معيشة المواطنين، لافتاً إلى أن تخفيض سعر الفيول مثلاً كان له تأثير كبير على صناعات تعتمد عليه بشكل مباشر، مثل الإسمنت، حيث أصبحت منتجاتها أكثر قدرة على المنافسة مقارنة بالمستورد، خاصة بعد فرض رسوم مرتفعة على طن الإسمنت المستورد.

الكهرباء.. الحلقة الناقصة

لكن يرى بلال أن المشكلة لا تقتصر على الغاز والفيول فقط، بل تشمل أيضاً الكهرباء وأسعارها، التي ينبغي أن تكون قريبة من الأسعار العالمية المعتمدة، حتى لا تُضعف من تنافسية المنتج السوري، فيما يكشف عن مشكلة أكبر في هذا القطاع، تتمثل في الفاقد الكهربائي، والذي تتجاوز نسبته 40 بالمئة، مشيراً إلى أن هذا الهدر يتحمّله المنتِج والمواطن معاً، من خلال ارتفاع كلفة الكهرباء بشكل غير مباشر، ما ينعكس على أسعار المنتجات النهائية ويضعف قدرتها التنافسية في الأسواق المحلية والخارجية.
ويختم الصناعي علي بلال حديثه بدعوة صريحة إلى ضرورة بناء سياسة طاقة مستقرة وشفافة، تقوم على تسعير عادل ومتوازن لحمولات الطاقة، ومحاربة الهدر والفاقد، مع دعم الصناعات كثيفة الاستهلاك للطاقة، إضافة إلى خلق بيئة تنافسية عادلة بين المنتج المحلي والمستورد.

تحتاج لاستمرارية وتكامل

لا شك أن الإجراءات الحكومية الأخيرة تُعدّ خطوة في الاتجاه الصحيح نحو دعم المنتج الوطني، وتحفيز بيئة الاستثمار الصناعي، إلا أن النجاح الحقيقي لهذه الخطوات مرهون بمدى استمراريتها وتكاملها، ضمن رؤية وطنية شاملة تعالج المشكلات الهيكلية، وتطلق طاقات الصناعة الوطنية، لتعود قاطرة حقيقية للتنمية الاقتصادية والاجتماعية في البلاد.

آخر الأخبار
محافظ درعا يعد بتنفيذ خدمات خربة غزالة الاقتصاد السوري.. المتجدد زمن الإصلاح المالي انطلاق الماراثون البرمجي للصغار واليافعين في اللاذقية محليات دمشق تحتفي بإطلاق فندقين جديدين الثورة - سعاد زاهر: برعاية وزارة السياحة، شهدت العاصمة دم... السفير الفرنسي يزور قلعة حلب.. دبلوماسية التراث وإحياء الذاكرة الحضارية تحضيرات لحملة مكافحة الساد في مستشفى العيون بحلب 317 مدرسة في حمص بحاجة للترميم أردوغان: لا مكان للتنظيمات الإرهابية في مستقبل سوريا  من العزلة الى الانفتاح .. العالم يرحب " بسوريا الجديدة" باراك: نتوقع تشكيل حكومة سورية شاملة قبل نهاية العام أهالي قرية جرماتي بريف القرداحة يعانون من انقطاع المياه "الأمم المتحدة" : مليون  سوري عادوا لبلادهم منذ سقوط النظام البائد  "إسرائيل " تواصل مجازرها في غزة.. وتحذيرات من ضم الضفة   "فورين بوليسي": خطاب الرئيس الشرع كان استثنائياً بكل المقاييس  فوز ثمين لليون وبورتو في الدوري الأوروبي برشلونة يخطف فوزاً جديداً في الليغا سلة الأندية العربية.. خسارة قاسية لحمص الفداء  رقم قياسي.. (53) دولة سجّلت اسمها في لائحة الميداليات في مونديال القوى  مع اقتراب موسم قطاف الزيتون.. نصائح عملية لموسم ناجح "جامعة للطيران" في سوريا… الأفق يُفتح بتعاون تركي