ما بين عودة الإرهاب في الجنوب وبين تمدد الإرهابيين في محافظة إدلب والشمال الغربي وبين ضياع بوصلة عصابات قسد، رابط واحد يبدو حيناً فوق السطح ويخبو حيناً آخر وفق الظروف والمستجدات المحلية والإقليمية والدولية.
فبعد أكثر من سنة على استعادة الجنوب وتطهيره من عصابات داعش الإرهابية وقيام تسويات ومصالحات جنبت المنطقة الكثير من إراقة الدماء وأعادت الأمن إليها وعاد المواطنون لممارسة حياتهم الاعتيادية وبعد عودة مؤسسات الدولة للعمل نرى عودة العمل الإرهابي بصور متعددة لا تقف عند حد الاغتيالات الفردية ووضع المفخخات والعبوات الناسفة المتفجرة، لكنها امتدت لتنفيذ عمليات غادرة على حواجز ومواقع الجيش ومهاجمة قوافل المبيت والتحصن في المزارع والخنادق وتنفيذ عمليات انغماسية وتفجيرات انتحارية بالأحزمة الناسفة، فهل تكمن الأسباب في التساهل أم هناك أسباب ودوافع مبيتة؟
إن اتساع دائرة الإرهاب وتعدد أشكاله وتزامن تنفيذ بعض العمليات يؤكد أن ثمة عملاً منظماً يحكم تنفيذها وصيرورتها وأن جهة كبرى تقف خلفها وتقدم معلومات استخباراتية متقدمة ضمن مخطط عدواني لم ينته، تنفذه مجموعات وأفراد يشكلون خلايا سرية ترتبط بالعدو الصهيوني على الأغلب وهي اليوم تخدم الأجندة المرحلية بالتوازي مع ما تقوم به مجموعات النصرة الإرهابية في محافظة إدلب حيث تستمر تلك المجموعات في تنفيذ المخطط الأردوغاني الخبيث، إذ أن أردوغان يستخدم تلك المجموعات للتنصل من الاتفاق الموقع مع روسيا بشأن سحب الأسلحة الثقيلة من إدلب والتحضير لتسويات ومصالحات محلية تجنب أي مواجهة مسلحة.
وفي شرقي الفرات تعود نغمة التجنيد وتحشيد المرتزقة وتدريبهم في الأردن ليكونوا الأداة التنفيذية في ظل وجود قوات متعددة الجنسية تحل مكان القوات الأميركية أو جزء منها فيما إذا نفذ ترامب وعده بسحب تلك القوات، وقد يحصل ذلك قبل الدخول في مرحلة التنافس الانتخابي والسباق إلى كرسي البيت الأبيض.
وتحكم هذه التداخلات استحقاقات سياسية ودبلوماسية تترافق مع لقاءات تفاوضية في آستنة مطلع آب القادم، فمحور البغي والعدوان وأنظمة التآمر تدرك أنها لا تملك أي ورقة قوية على الأرض ، وتدرك أن الشعب السوري يمضي في طريق الاستقرار والأمن بخطا ثابتة وقوية، وتدرك أن أكذوبة المعارضة المطروحة لا تتعدى كونها زوبعة في فنجان، وهي أشبه بريشة تذروها الريح ولا تستطيع الوقوف في وجه حركة التاريخ ، فضلاً عن أنها لا تمتلك أي مشروع سياسي للحوار، وأنها تتموضع في خندق الإرهاب وحده، وأن انكشاف أمرها على المستوى الدولي سيكون قريباً.
أمام هذه المعطيات تكمن تفسيرات مايحدث من عودة للإرهاب وتحركات عدوانية لمجموعات إرهابية تسعى لتقديم ورقة قوة تقدم على طاولة آستنة أو بانتظار إعلان لجنة مناقشة الدستور وعندها ستبدو مؤشرات القوة في أوضح صورها، وستكون التضحيات المقدسة التي قدمها بواسل جيشنا المحدد الوحيد والأساس لأي حل مطروح.
مصطفى المقداد
التاريخ: الاثنين 29-7-2019
الرقم: 17036