… وله رائحـــــة المســـــــرّات

 

 

رغم الآلام والمشاغل والمنغصات التي شغلتنا عما نحب ونشتهي تأتي أيام معدودات تذكرنا بالحب والتسامح وتتجدد فيها المشاعر النبيلة التي نشتهي،وبها تنجلي القلوب بعطر فواح يزيل الكثير منها ، إن لم نقل كل مظاهر البغضاء والمشاحنات التي سببتها الأيام الغابرة والعابرة، ولتنجلي سحابات غير مستحبة لم نكن نتمناها، لأنها تتشح بالكراهية وبالغموض والبغضاء للبعض منا لسبب ما ، ورغم ما تتسم به قلوبنا البيضاء التي فطرها الله على المحبة والتسامح والرحمة وعمل الخير، تلك الأشياء التي فطرنا عليها الرحمن تنعشها روائح زكية عطرة تنبعث من حوارينا وبيوتنا وأسواقنا ولتملأ الدنيا ضياء وبهرجة ترافقها زينة خاصة بأيام مباركه ،إنها رائحة كعك وحلويات العيد ،تلك الروائح الشهية تذكرنا بالخير وبذكريات خفظتها قلوبنا قبل عقولنا ،كانت ولا تزال في بعض قرانا وبيوتنا الشعبية ، بها تجتمع النسوة قبل العيد بأيام لصنع حلوى العيد المختلفة بأنواعها وطعمها والتي كانت ومازالت وستبقى الصنف المميز والأشهى عند تذوقه بأيام العيد للضيوف وأهل البيت لا بل وستبقى تلك الرائحة والطعم المميز وهو ساخن فور خروجه من بيت النار لحظات شيقة ومسابقة بين الأطفال قبل الكبار لتذوقه أولا وليحصل على شرف السبق في تذوقه قبل الكل .
العم أبو أنس البالغ من العمر حسب ما أخبرني خمسة وسبعين عاما عندما شاهدته أمام محل لبيع الحلويات الفاخرة بدمشق يقول :
إن رائحة المعمول بأنواعه المختلفة «المحشي بالتمر والفستق الحلبي والجوز «التي كانت تصنعه والدتي وجدتي في منزلنا وأنا صغير عالقة في أنفي وطعمه الشهي في حلقي رغم مرور تلك السنين، لكن للأسف الكثير من العائلات اليوم قد تخلت عن صنعها يدويا وتحولت لشرائها من الأسواق والمحلات المتخصصة بصنعه ورغم ما تشاهده من مظاهر باذخة وبأشكال مختلفة تغري العيون إلا أنها لا ترقى لما كانت والدتي تصنعه فرائحته وطعمه شئ آخر لا يمكن تعويضه .
نفحات العيد
أما العم أبو سامي الدروبي والذي تدخل في حديثنا و ليضيف :نعم بابني صحيح ما قاله أبو أنس فالعيد له رائحة مختلفة عن كل الأيام الأخرى، فالحلويات التي تصنع في البيوت التي تشتم رائحتها العطرة والمميزة من مسافات بعيدة وبعيدة جدا ولتشمل أحياء عديدة ،فالأقراص التي كانت تصنعها والدتي رحمها الله وجدتي وأخواتي والأهل مع بعض جيراننا في حمص، لها طعم خاص وخاص جدا ليس لغيرها رائحة مثله و لا تنسى أبدا أما اليوم ونحن نشتري الحلويات الجاهزة لا تجعلني أشعر بأن للعيد طعماً ورائحة وشعور جذاب كما كنت وأنا صغير ، فضلا عن طعمها، فزينة العيد هي أجمل المظاهر التي تفرح الكبير قبل الصغير والتي تضيف للعيد بهجة ولطعم الأقراص التي اشتهرت بها حمص آنذاك طعم مميز وخاص .
أما عن أيام زمان فيقول : الكثير من العائلات المقتدرة كانت تحسب حساب فقراء الحي بمقدار من الحلويات التي تصنعه ببيوتها أو أن ترسل بعض الأموال أو حاجيات العيد ومستلزماتها إليها قبل العيد بأيام ولتصنع هي حلوياتها في منازلها بنفسها أملا في أن يفرح أولاد هذه العائلات الفقيرة بالعيد كغيرهم من الأطفال الآخرين ،وهذا الأمر عمل على نشر الحب والوئام وروابط التكاتف بين الجميع ،هذا من ناحية ومن ناحية أخرى لا يحرج هؤلاء الفقراء وأطفالهم .
من مظاهر العيد
لما كان العيد هو وسيلة من وسائل نشر المحبة والمودة والفرح بين جميع أفراد المجتمع وبكافة أطيافهم وفئاتهم فقد تجلى في عدة مظاهر اجتماعية ودينية وأخلاقية منها انه و بعد صلاة العيد والتصافح بين الجميع والأمنيات بالخير والبركة يأتي ذبح الأضحية والتي توزع حسب المتعارف عليها بين المضحي وأهله وجيرانه والفقراء وذلك من شأنه أن يعزز المحبة ولتأتي بعدها الزيارات للأقارب والجيران والأصدقاء حيث يشربون القهوة المرة التي لها سحرها وريحها الخاصة رغم ما قدمه التجديد من عبوات مصنعه وجاهزة كانت تحتاج لعدة أيام لصنعها ،وبعدها يقدم كعك العيد والتمر وما تيسر من حلويات وتقديم العيديات للصغير والكبير وأجزم أنها: تفرح الكبير قبل الصغير .
وكما قيل :فإن كلمة العيد صغيرة في حروفها كبيرة في معانيها والتي تجمع في مكنوناتها الحب والفرح في آن واحد والتكافل الاجتماعي والمحبة والتسامح واللعب والفرح للصغار والبعد عن كل ما يزعج ويسبب الاكتئاب ولكل ذلك رائحة زكية عطره إنها هي رائحة العيد بكل معانيها فكل عام وبلدنا الحبيب وكل مواطن شريف بخير كثير ومحبة ومع كل نسمة تحمل معها رائحة العيد وأفراحه لكم كل الخير .
يحيى موسى الشهابي

التاريخ: الأحد 11-8-2019
رقم العدد : 17047

آخر الأخبار
السيطرة الكاملة على حريق "شير صحاب" رغم الألغام ومخلفات الحرب    بين النار والتضاريس... رجال الدفاع المدني يخوضون معركتهم بصمت وقلوبهم على الغابة    تيزيني: غرف الصناعة والتجارة والزراعة والسياحة كانت تعمل كصناديق بريد      تعزيز التعاون في تأهيل السائقين مع الإمارات بورشة عمل افتراضية     الإبداع السوري .. في"فعالية أمل" ريف اللاذقية الشمالي يشتعل مجدداً وسط صعوبات متزايدة وزير الطاقة: معرض سوريا الدولي للبترول منصة لتعزيز التعاون وتبادل الرؤى بطولات الدفاع المدني .. نضال لا يعرف التراجع في وجه الكوارث والنيران  وزير الطاقة يفتتح "سيربترو 2025"  وزير الطوارئ يتفقد مواقع الحرائق ويشيد بجهود الفرق الميدانية   500 سلة إغاثية لمتضرري الحرائق باللاذقية  السويداء على فوهة البندقية.. سلاح بلا رقيب ومجتمع في خطر  دمشق وأبو ظبي  .. مسار ناضج من التعاون الثنائي الحرائق تتمدد نحو محمية غابات الفرنلق.. وفرق الإطفاء تبذل جهوداً جبارة لإخمادها امتحانات البكالوريا بين فخ التوقعات والاجتهاد الحقيقي "لمسة شفا" تقدّم خدماتها الصحية والأدوية مجاناً بدرعا مشاريع خدمية بالقنيطرة لرفع كفاءة شبكة الطرق تطويرالمهارات الإدارية وتعزيز الأداء المهني بعد تدخل أردني وتركي..الأمم المتحدة تدعو لدعم دولي عاجل لإخماد حرائق اللاذقية متابعة التحضيرات النهائية لانطلاق امتحانات "الثانوية" في ريف دمشق