ليست الأعياد التي يتمناها السوريون هي ذات الأعياد التي عاشوها قبل الأحداث بسنوات عديدة مضت بحلوها ومرّها, ولم يعد لها الآن ذات البهجة والفرحة والشغف كمناسبة دينية أواجتماعية, فقد فقدت حلوياته طعمها ومذاقها ولون فرحتها,
فليست الأبنية هي التي انهارت فقط بعد الحرب، بل كل شيء تهدم وتزعزعت أركانه , حتى أعيادنا أيضا» أصابها مثلما أصاب أبناء المجتمع , فتصدعت وتشققت وترنحت تحت وطأة الحرب.
ووطأة المأساة التي أصابت قلب كل السوريين من تهجير وتفجير وخطف وقوافل الشهداء ونزيف القلب والعين والروح قبل نزيف الجرح.
فالعيد الذي كان فرح الطفولة ولمة العائلة وعيدية الكبار وتجمع الشباب , انكسر مصباحه وانطفأ نوره .وربما بات الضوء ذاته أنقاضاً.
وأن الأنقاض التي خلفتها الحرب ما هي إلا أنقاض أرواحنا وتحزباتنا وثقافتنا التي كنا نتبعها وقد انفجرت فينا فدمرت أبسط تفاصيل فرحتنا وأعيادنا .
وبتنا بحاجة إلى بلدوزرات تجرف أنقاضنا الداخلية قبل الأتربة والمخلفات.
بتنا بحاجة إلى برنامج يصلح ويرمّم أنفسنا ويعيد تشكيلها وتنقيتها من احباطاتنا
وصار لزاما» علينا أن نتعلم من الدرس القاسي الذي «كرعنا « مرارته ونستفيد منه لإعادة إعمارنا من الداخل قبل الأبنية والطرقات.
إننا نتطلع إلى عيد الأعياد ,عيد بناء النفوس والعقول والإرادة نحو غد أجمل وأرقى .إنها مسؤوليتنا وواجبنا أن نمضي معا» لصنع عيد تتغلغل الفرحة والسعادة في خلاياه ونسجه وعظمه.
فالغد مولود جديد يجب أن لا يشبه إلا الجمال الذي سعى إليه شهداؤنا حين تكللت نعوشهم بالزهور .
هو حلم كل قطرة دماء أريقت ..وأمل كل حجر تهدم ..وتنهيدة كل ورقة غار عطّرت كفن شهيد
عيد الأعياد هو أن تكون سورية العظيمة بأجمل وأحسن حال..هو حلمنا الذي سنسعى إليه ..
ثناء أبودقن
التاريخ: الأحد 11-8-2019
رقم العدد : 17047