ماء وفير حظيت به البلاد خلال شتاء السنة الحالية، فالمطر والثلج غطياها غاسلين معهم ذكريات الجفاف وانحباس الأمطار أما الثلج فقد رفع المخزون المائي في طول البلاد وعرضها.
لم تقصر الموارد المائية في إدارة هذه الكميات الفائضة عن مخزون المياه الجوفية، فكانت السدات المائية البديل قصير المدى للسدود إلى حين ارتياح مادي أكثر من الآن، وعلى الرغم من ذلك إلا أن البعض من ظهرانينا لم يتعلموا الدرس ولم تعلق بذهنهم ذكريات قلة المياه خلال سنوات خلت، ففي الوقت الذي كنا نقتر ونقنن القطرات ترى البعض اليوم وبلا مبالاة يغسل سيارته بمياه الشرب ناهيك عن هدرها يمينا وشمالا على اعتبار شماعة الحر قوية وتحمل كل المبررات التي يسوقها من نسي.
في مسألة تعني حياة كل مواطن في البلاد لا يمكن الاعتماد على الضمير أو الأخلاقيات الموجودة ومعدل مساهمتها في سلوكيات الأفراد بل يجب إدارة المسألة بدقة مشبعة بالصرامة، فحين تقل المياه لن تقل عمن أهدرها فقط بل عن الجميع، وحين تشتكي المزروعات قلة المياه لن ترتفع أسعارها عمن أهدر المياه فقط بل عن الجميع، الأمر الذي يوجب خطة محكمة تقي مخزون مياهنا الجوفية الاستنزاف والتبذير.
كل ناحية من نواحي حياتنا تحفل بمختلف أنواع المخالفات المادية فمن المظهر غير اللائق للسيارة إلى طلاء البيت بغير إذن البلدية وصولا إلى الدراجة الهوائية غير ذات اللوحات، باستثناء المياه أعز وأغلى ما يجب حمايته من مكونات في هذه الحياة.
ما من عاقل سيعترض على غرامة مالية يدفعها من يغسل شارعا أو سيارة بمياه الشرب بعد مخالفته قانونا، بل ما المانع من توسعة نطاق صلاحيات موظفي البلدية أو شرطتها أو أي ضابطة عدلية أخرى بحيث تكون قادرة على ضبط المخالفة مباشرة لكون الضرر المحقق ضررا عاما لا يمكن تلافيه بعد وقوعه.
يكفي كل ما تعرضت له المياه بمسطحاتها ومخازينها وشبكاتها من أضرار على مدى سنوات الإرهاب وأصبح الوضع لا يحتمل خططا استراتيجية، فالموسم خيّر وقد يكون لاحقه خلافه.. فمن أين نشتري المياه؟
مازن جلال خيربك
التاريخ: الأحد 11-8-2019
رقم العدد : 17047