منذ سنوات عديدة وحتى اليوم، ما زال للمصارف دور مفترض حتى تكون عصباً حيوياً للاقتصاد بالإجمال، وعلى هذا الأساس رُسمت السياسات المفترضة الخاصة بدورة رأس المال والتدفقات النقدية والتجارة، ولا سيما عمليات السداد ودفع المستحقات وتبرئة الذمم، وبعبارة أخرى، اعتبرت المصارف حجر زاوية في عملية البناء، وعلى أساسها بُنيت المنظومة المفترضة أيضاً للدفع الإلكتروني.
المفترض هنا أن البنية التحتية جاهزة، وأن المصارف في حالة جاهزية أيضاً، حتى يمكن الانطلاق في كل ذلك، وتسير الأمور بشكلها الصحيح، ولكن عندما تكون المصارف غير جاهزة، فما الذي نفعله نحن؟! بل أين نحن من الخطط الموضوعة؟ وما مصيرها في ظل الوضع الراهن؟
يوم الخميس طالعنا المصرف العقاري بمفاجأة غير سارة، حيث توقفت شبكته المركزية بالكامل، ولا ينكر أحد أنها عادت لدقائق لا تتجاوز عشر لحظات، ولكنها عادت فتوقفت كالمريض الذي يختلج.. وهنا ما مصير كل عمليات الدفع الإلكتروني المفترضة؟ وما كان مصير العمليات التي كانت تتم في لحظتها.
والأنكى من ذلك، ما خرجت به إدارة العقاري من تصريحين متضاربين، أحدهما يكذّب ما وقع، والثاني يعترف به، ويؤكد قرب الإصلاح، لأن قطعة.. نعم.. قطعة تعطلت وسيستبدلونها.
ومع ذلك هذا ليس هماً كبيراً، ففي العقاري كوادر ممتازة على الأرض، تعمل وتعرف كيف تعمل، ولكن المشكلة هنا أن هذه الكوادر ليست صاحبه قرار، ولا يمكنها اتخاذ القرار، ولا يمكنها حتى المبادرة أو المشاركة في صنع القرار رغم أنها هي التي تعرف ما يجب أن يتم.
مجمل هذا الأمر يعني وجوب الاستفادة من الكوادر، فالعقاري كان سابقاً يسمى عملاق الخدمات المحلية، واليوم لم يعد وضعه يسرّ أحداً، فقد تراجع جداً جداً، ووضعه الحالي يحتاج خبرة وجرأة في اتخاذ القرار، فالمصارف لا ترتبط بأحد، وليست ملكاً لأحد، بل هي ملك عام لسورية والكل يحتاجها.
نتمنى ألا يكون مصيرها كما غيرها بعد سنوات ست عجاف، التشاركية أو أيا كان اسمها، كما كان حال كثير من المؤسسات الأخرى.. وإن كان الأمر كذلك فلتتم محاسبة من أوصلها إلى هذه المرحلة المتردّية وهذا الواقع المزري.
السابق