يبالغ الأهل في بعض الأحيان في التعامل بفظاظة وقسوة مع طفلهم وصولا إلى الاستهتار بمشاعره وعدم احترامه، وهذا بدوره ينعكس على نفسيته وتعامله وسلوكه مع الآخرين.
ضرورات نموه
فالطفل الذي يجهل أهله احتواء مشاعره وانفعالاته يصبح عرضة لكل الأمراض السلوكية والنفسية، ذلك أن احترام وتقدير الطفل يعد من أهم الاحتياجات النفسية له، ولاسيما في السنوات الأولى من عمره، حيث يشكل إشباع هذه الحاجة ضرورة من ضرورات نموه بصورة سليمة، ذلك أن الانطباع الذي يتشكل في ذهنه عن نفسه ليس إلا انعكاساً لتعامل الآخرين معه، و رغم ذلك نجد أن هناك بعض الآباء والأمهات لا يعيرون انتباهاً لمشاعر أطفالهم، بل إنهم يفتقرون إلى أدنى مقومات التعامل معهم انطلاقا من أن أعراف ونظريات خاطئة تقول بأن الطفل ليس له مشاعر وأحاسيس كمشاعر وأحاسيس الكبار، وبالتالي الاستهانة به ومعاملته كإنسان لا يفهم أو يعي شيئاً، هذا بالإضافة إلى بعض السلوكيات والتصرفات المسيئة التي يقوم بها بعض الآباء والأمهات تجاه أطفالهم كمناداتهم بألفاظ نابية وجارحة أحياناً متناسين أن ذلك الأسلوب في التعامل يؤدي إلى نتائج وخيمة على الطفل تؤثر على سلوكياته وتصرفاته في الحاضر والمستقبل.
احترامه أمام الآخرين
يحب الطفل بطبعه أن يحصل على الاحترام سواء من أفراد أسرته أو من أقرانه ومحيطه، كما يكره في ذات الوقت أن يستهين به أحد أو أن يحقره، ذلك أن كل اضطراب في سلوك الطفل مرده إلى اضطراب في إشباع حاجاته النفسية التي يعد الاحترام والتقدير الاجتماعي من أهمها على الإطلاق، وهذا يبدأ من التحدث معه بكلمات تحمل في طياتها الاحترام والثقة به مرورا بعدم توبيخه و توجيه النقد له أمام الكبار، ولا ينتهي باحتوائه واحتضانه والتحدث عن سلوكه بفخر واعتزاز أمام رفاقه وأقربائه لأن ذلك يكسبه ثقة وتقديراً عالياً لذاته، وكذلك إحساسا كبيراً بمكانته بالنسبة للآخرين كما من شأن ذلك ألا يهز ثقته بإمكاناته ويسبب له شعوراً بالخجل والانطواء، وهذا ينسحب أيضاً على احترام الأهل لخصوصية أبنائهم وإتباع الصبر والثناء عليه.
إشكالية الأهل
ضمن هذا العنوان نقول :إنّ عدم احترام الأهل لأبنائهم يعد سبباً رئيسياً في قهرهم ودفعهم نحو الاضطراب السلوكي والنفسي وهذا يشكل بيئة حاضنة لجملة من الأمراض السلوكية والنفسية، التي تكون بداية لانسلاخ الطفل عن أسرته ولا حقاً عن مجتمعه، بالمقابل فإن احترام إنسانيته يعد من أقوى الوسائل الجاذبة نحو الأب والأم والمجتمع الأسري، وبالتالي فهي الطريقة الأمثل لتحصينه ووقايته من كل الأمراض السلوكية والمجتمعية.
الإشكالية تكمن عند كون بعض الآباء والأمهات يخلطون بين النقد البناء والايجابي والتوجيه الصحيح لأطفالهم، وبين النقد السلبي أو الجارح الذي يترك آثاره وانعكاساته على سلوك وتصرفات الطفل سواء حاضراً أو مستقبلاً ، وهو ما يوجب على الأهل الانتباه جيداً عند نقد وتوجيه أطفالهم لان الغاية من نقد سلوك الطفل هو مساعدته على التصويب وليس تجريحه أمام أخوته أو رفاقه أو أمام الآخرين.
في حدود المتاح
من صور احترام الأهل لأطفالهم تلبية رغباتهم وتطلعاتهم قدر المستطاع وفي حدود المتاح والاعتدال دون أن ننسى أن الدلال الزائد وتلبية رغبات الطفل يؤدي إلى نفس النتيجة السيئة التي يؤدي إليها الشحّ على الطفل، وكذلك مخاطبة الطفل بلهجة مفعمة بالتقدير والعطف والحنان وعبارات اللطف والمجاملة، ومناداتهم بأسماء يحبونها و الابتعاد التام عن نبذهم بالألقاب السيئة، واحترام مشاعر الطفل حيال أخطائه، فلا نذكره بأخطائه دائماً أو نعلق عليها على الملأ غير عابئين بمدى الحرج والألم النفسي الذي يشعر به وقتئذ كما يفعل بعض المعلمين والمعلمات داخل الصف الدراسي أحياناً عندما يقومون بتجريح أو ضرب التلاميذ الصغار أمام زملائهم .
فردوس دياب
التاريخ: الثلاثاء 15-10-2019
الرقم: 17098