هوية الانتصار

 رغم أن سورية لم تُعلن انتصارها النهائي على الإرهاب وداعميه، لم تَستعجل ذلك ولن تَستعجله، إلا أن نقاشات واسعة تدور منذ مدة حول الانتصار، وحول ما يُدعى تحالف المُنتصرين، بل هناك من أظهرَ بوقاحة انقلابه على ذاته كي يَلتحق بهذا التحالف، أو ليَنضم رسمياً له، اللص أردوغان أنموذجاً باعتباره أول من افتتح الحديث عنه!.

الخَشية من سرقة الانتصار ليست في واردنا، وليس لدينا الرغبة بالانخراط بأيّ نقاشات حوله ولا حول آثاره وتداعياته والاستحقاقات التي يَفرضها، غير أن الرد على مُحاولة أطراف العدوان تَزوير الوقائع يَرقى ربما إلى مُستوى الواجب الذي لن نَتخلف عنه، سواء لجهة تحديد هوية الانتصار، أم لجهة التعريف بأصحابه وبالأثر العظيم الذي لا يُمكن إنكاره.
أولاً: قبل أن يَشرع البعض بمحاولة قرصنة الانتصار أو سرقته، وقبل أن يبدأ البعض الآخر بمحاولة النأي عن الموقع الذي كان يَشغله كطرف بالحرب وكشريك داعم للمُرتزقة التكفيريين، وقبل أن تتنصل باقي الأطراف من ممارساتها المُوثقة بمحاولة الانتقال للضفة الأخرى، لا بدّ من تحديد الهوية الوطنية للانتصار الناجز على الإرهاب، من كونه المُخطط المَطروح للاستثمار، القذر بمَساراته ومَحطاته، بأهدافه وغاياته.
الهويّة الوطنية للانتصار على الإرهاب كمُخطط ومَشروع، هي سوريّة بامتياز لا تَقبل التشكيك ولا النقاش، ذلك أنه إذا كان صحيحاً أن حلفاء سورية لعبوا دوراً مُؤثراً إلى جانب جيشها بمُحاربة الإرهاب ودحره، إلا أن الصحيح الذي يُدركه الجميع هو أن أيّ دعم أو إسناد سيَبقى بلا جدوى لو لم تكن سورية، شعبها جيشها وقيادتها، النواة الأساسية بمُقارعة العدو كمنظومة كبرى وأدوات مُمتدة مُتعددة، ولو لم تُظهر سورية الصلابة والثبات على امتداد سنوات الحرب عسكرياً سياسياً واقتصادياً.
ثانياً: إذا كان ثابتاً لا يَقبل النقاش الشكل الوطني لهوية الانتصار، فإن مُحاولة اللص أردوغان ادّعاء شراكته بالانتصار وادّعاء الانتساب لتحالف المُنتصرين، لا تنطوي على فعل السرقة والقرصنة، وإنما على محاولة مسح سجله الأسود، وإعلان الانسحاب من المشروع ومن المحور الآخر، والالتحاق بمحور المُنتصرين وتحالفهم، ذلك تَجنّباً للاستحقاقات التي ستترتب على النتيجة: انتصارٌ مُقابل هزيمة.
بهذه الحالة، من الطبيعي ربما أن يكون للانتصار هوية أخرى إلى جانب الهوية الوطنية السورية، تُدوّن فيها أسماء الشركاء والحلفاء الذين أسهموا بتزخيم نتائج الانتصار وبفرض مُعادلات تتجاوز حدود الإقليم وتُخضع الأطراف المُعادية للقواعد الجديدة الناتجة التي بدورها قد لا تكتفي بنسف استراتيجيات هذه الأطراف، بل تَضعها أمام قوس العدالة مُساءلة ومُحاسبة.
مُحاولة الالتفاف على ذلك هو ما يَجري حالياً، أي إن الإقرار بانتصار سورية بات أمراً خارج النقاش، كما باتت هوية الانتصار الوطنية سوريّة تَعترف بها منظومة الخصوم والأعداء وتَعجز عن محاولة اختطافها أو تَشويهها، غير أن الخلاف المُحتدم الآن يدور حول الهوية الأخرى للانتصار، وحول العناصر الأساسية التي تُؤهل هذا الطرف أو ذاك من امتلاك أسباب الانتساب لتحالف المُنتصرين. قولاً واحداً اللص لا يَنتمي إلا لمحور الشر وتحالف العدوان، لن تُقبل عضويته، هويته أطلسية صهيونية ومَطلوب منه إظهار أبشع صور أخوانيته المُتطرفة للاستثمار فيها، وإن انتهاء دوره الوظيفي، وطَرده المُحتمل من الناتو لا يَمنحه بحال من الأحوال فُرصة الانتقال للضفة الأخرى!.
علي نصر الله

التاريخ: الخميس 14 – 11-2019
رقم العدد : 17122

 

آخر الأخبار
سوريا والسعودية.. شراكة لتعزيز الاتصالات والتحول الرقمي دعم صناديق الاستثمار في سوريا يعزز الاستقرار والتنمية قدرات سورية 1000.. توثيق الكفاءات في مسار بناء الدولة الجديدة تحذير أممي من فظائع وانتهاكات خطيرة في الفاشر وكردفان بالسودان  على ماذا يعتمد السلام الدائم في غزّة؟  الإعلان عن بدء تنفيذ المنحة القطرية السعودية لدعم فاتورة الأجور  عبد الحكيم المصري: مشاركة الشرع بـ"FII9 " تجسّد العلاقة الاستراتيجية بين دمشق والرياض  سوريا والرياض.. نحو شراكة اقتصادية تعيد رسم المشهد الإقليمي "أمان أطفالنا".. مشروع جديد لقطر الخيرية في سوريا رضوان الأطرش: سوريا تسعى لتكون بوابة الدول العربية إلى الغرب الواردات تسرق أحلام الانتعاش الاقتصادي.. هل تتحرك الحكومة؟ سوريا تخطو بقوة للعودة إلى المشهد الاقتصادي العالمي "دافوس الصحراء".. حدث مفصلي مبادرة الصناديق الاستثمارية.. انتقال من النمط الإغاثي إلى التنموي  "نقل حلب" تبدأ استقبال معاملات نقل ملكية المركبات توسيع قسم الكلية في مستشفى منبج الوطني الرئيس الشرع يلتقي وزير الخارجية السعودي في الرياض بلدية المضابع.. معاناة مع مياه الشرب والصرف الصحي ولا حلول معاون وزير التربية: التزام الحكومة بضمان حق التعليم لكل طفل مدارس ريف إدلب تواصل مسيرة إعادة التأهيل