يبدو أن هناك عدة أسرار وليس سراً واحداً وراء بحث شبابنا عن الوظيفة في الدولة، فرغم أن كل العاملين في مؤسسات الدولة يشكون ضعف الرواتب والأجور والتي لا تكفيهم أكثر من أسبوع، ورغم أن فرصة العمل في أي بلد لاتعني الفرصة التي يتم تأمينها في القطاع العام وحسب إنما في القطاعين الخاص والمشترك أيضاً.. نجد أن طموح معظم الشباب السوري بعد التحصيل الدراسي هو الحصول على (وظيفة) في القطاع العام فقط!
لكن.. إذا كان مطلب الوظيفة العامة عند خريجي الثانويات والمعاهد والجامعات مشروعاً، فهل هو كذلك عند الشباب الذين لم يتابعوا تعليمهم؟ هذا السؤال فرض نفسه بقوة بعد أن لاحظنا حجم المراجعات وكم الطلبات التي قدمت وتقدم من هؤلاء شفهياً أو خطياً للتوظيف، وبعد أن سمعنا من الذين يتبعون دورات مهنية في مركز التدريب المهني بطرطوس أثناء اللقاء بهم أنهم يتبعون هذه الدورات على أمل الحصول على وظيفة، متناسين ومتجاهلين أهمية العمل المهني الحر في مجتمعنا، ومدى الحاجة لمهنيين متميزين في التمديدات الكهربائية والصحية والطاقة الشمسية واللحام والحدادة والألمنيوم وغيرها في ضوء الواقع غير المقبول الذي نعيشه في هذا المجال!
وهنا أقول إن تعلّم مهنة وإتقانها من بعض شبابنا أمر في غاية الأهمية والضرورة، وامتلاك مهنة حرة من هذا الشاب أو ذاك أفضل بكثير من الوظيفة التي لا تغني ولا تسمن من جوع كما هو معروف، وبالتالي يفترض بالمجتمع والدولة على حد سواء تشجيع الشباب الذين لايتابعون تحصيلهم العلمي على التعليم والتدريب المهني، وعلى اتباع دورات في مراكز التدريب المهني، ونشر ثقافة أن المهنة هي أفضل فرصة عمل لهؤلاء.
وضمن إطار ما تقدم نرى أنه لا بد من تفعيل مهام مراكز التدريب المهني الواردة في قانون إحداثها، ولا بدّ أن توفّر وزارة الأشغال العامة والإسكان كل متطلبات إعادة الحياة بقوة لهذه المراكز من حيث البيئة القانونية والمقرات والمدربين والحوافز والمعدات والتجهيزات الحديثة وبحيث تخرّج مهنيين مؤهلين بلدنا بأمس الحاجة إليهم في كل أعمال التشييد والبناء الخاصة والعامة.
هيثم يحيى محمد
التاريخ: الخميس 14 – 11-2019
رقم العدد : 17122