الملحق الثقافي: عقبة زيدان:
مخيال روديارد كيبلينغ يصور له أن «الشرق هو الشرق والغرب هو الغرب، ولن يجتمع التوأمان أبداً»، وهذا المخيال هو حالة من الفصام الغربي الذي يدعي حقوق الإنسان والمساواة بين الشعوب والأمم. وهذا يصب ضمن فضاء الخطاب الفعال أيضاً، ذلك الخطاب الذي أسهم في خلق انقسام بين أوروبا والآخر، وهو انقسام أساسي في الثقافة الأوروبية، للمحافظة على الهيمنة وبسطها على أراضي الآخرين.
يجد فصام كيبلينغ من يروج له في الغرب، وهو حالة من الانحطاط الإنساني، رغم أن كيبلينغ نفسه قد نال جائزة نوبل في الآداب، وهي أرفع جائزة من جوائز نوبل، والمفترض أنها تمنح لمن يؤدي خيراً للبشرية، ولمن يرفع من قيمة الإنسان، وليس لرجل مشهور حتى عند الإنكليز أنفسهم بأنه رجل عنصري. وقد سخر منه جورج أورويل وأطلق عليه لقب «نبي الإمبراطورية». ويتباهى كيبلينغ بالعسكرة الإمبريالية، ويدعو البيض – كما يسميهم – لأن يحتلوا الدول الأخرى، حتى إنه يعتبر الاحتلال عبئاً على الرجل الغربي. وقد سمى إحدى قصائده «عبء الرجل الأبيض»، ومنها تفوح رائحة العنصرية بشكل مقزز.
هذا المثال ضروري لفهم كيف أن الغربي يسوغ حروب الإبادة بحق الشعوب الأخرى والتي يعتبرها الأدنى. حتى إن الشاعر فرانسوا رينيه شاتوبريان يدافع عن مشاريع الاحتلال الغربية ونهبها لخيرات الشعوب قائلاً: «لم تكن الحروب الصليبية أعمالاً جنونية، لا من حيث مبدئها ولا من حيث نتيجتها… فالأمر لا يتعلق فقط بتحرير المكان المقدس، بل بمعرفة من الذي سيفوز في هذا العالم».
ورغم ذلك، فالغرب ليس كتلة واحدة. فهذا وليم بليك ابن إنكلترا، مثل كيبلينغ، لا يفرق بين الناس، حيث إن ما يهمه هو النفس الإنسانية وعذاباتها ومآلها وسعادتها.
Okbazeidan@yahoo.com
التاريخ: الثلاثاء10-12-2019
رقم العدد : 977