في الذكرى الثالثة لتحريرها.. حلب تنبض بالحياة.. إعـادة تأهيل مئات المدارس والمرافـق الصحيـة والخـدميـة
ثلاث سنوات مرت على تحرير حلب من رجس العصابات الإرهابية المسلحة كانت بدايتها نقطة مفصلية في تاريخ عاصمة الاقتصاد السوري عنوانها «من الانتصار إلى إعادة الإعمار» وبعودة الذاكرة إلى بداية تلك السنوات الثلاث كان أبناء المدينة يتابعون لحظة إعلان تحرير حلب وانتصارها على رجس العصابات الإرهابية المسلحة، وكلهم إيمان بتضحيات الجيش العربي السوري وحكمة السيد الرئيس بشار الأسد الذي أكد قبل أيام من إعلان الانتصار أن تحرير حلب سيحول الزمن إلى تاريخ، وبالفعل تحول الزمن إلى تاريخ وتحولت فرحة الانتصار إلى همة وعزيمة من أجل إعادة الإعمار من خلال توجيهات السيد الرئيس والدعم الحكومي الذي بدأ منذ اللحظات الأولى بزيارات وجولات واجتماعات عالية المستوى للحكومة وبمتابعة من محافظة حلب لما تم إقراره خلال تلك الزيارات والاجتماعات.
أولويات لإعادة الإعمار
صحيفة الثورة رصدت واقع التطور الحاصل خلال هذه السنوات الثلاث من خلال استطلاع لواقع المؤسسات الخدمية والتنموية، حيث أكدت مصادر محافظة حلب أنه بعد تطهير أحياء مدينة حلب الواقعة في الجهة الشرقية من المدينة والريف الشرقي المطهر قامت الحكومة ومن خلال مؤسساتها والجهات الخدمية الأخرى وكافة الفعاليات المحلية والمركزية بوضع خطط للعمل أهمها الخطة الإسعافية والتي تضمنت وضع عدة أولويات على مستوى المدينة وعلى مستوى الريف المطهر تمثلت بإجراء تقييم أولي للوضع الراهن للأحياء والقرى المحررة اشتمل على البنى التحتية – المشيدات العامة – المباني السكنية، إلى جانب تقييم أولي لنسبة الأضرار التي أصابت مكونات النسيج العمراني لأحياء المدينة والوحدات الإدارية والقرى المطهرة، مع الأخذ بعين الاعتبار إعطاء الأولوية للعودة السريعة للسكان، واعتماد الزمن الأقصر لتأهيل الخدمات والمرافق العامة والمباني العامة، إضافة إلى التحفيز لعودة وإقلاع الفعاليات الاقتصادية والاستثمارات لمختلف قطاعاتها (صناعية – تجارية – زراعية – سياحية) من أجل السعي لتأمين التمويل الذاتي للوحدات الإدارية ودعم الاقتصاد الوطني.
وأضافت مصادر المحافظة أن مجمل المشاريع الخدمية المنتهية في محافظة حلب منذ عام 2017 وحتى الآن وعلى كافة الموازنات (استثمارية-إعادة إعمار- مستقلة) إضافة للمنظمات منذ تطهير أحياء مدينة حلب وحتى تاريخه بلغت /1627/ مشروعاً منها /356/ مشروعاً خلال عام 2019 إضافة الى /339/ مشاريع منظمات منها /80/ مشروعا خلال عام 2019.
ترميم 32 مركزاً صحياً
مدير صحة حلب الدكتور زياد الحاج طه أوضح أن القطاع الصحي في المحافظة تعرض لأضرار كبيرة جراء الحرب الظالمة أدت لخروج العديد من المشافي والمراكز الصحية عن الخدمة، ولكن بعد تحرير حلب من الإرهاب نهاية عام 2016 وحتى الآن بلغ عدد المشافي العامة والهيئات العاملة 8 مشاف من أصل 11 مشفى، قدمت خلال ثلاث سنوات 3 ملايين و655 ألفاً و666 خدمة، بينما وصل عدد المشافي الخاصة العاملة 49 مشفى من أصل 103 مشاف خاصة، إضافة إلى 15 مركزاً تخصصياً، مشيراً إلى أنه تم تفعيل منظومة الإسعاف بعد توقف دام ست سنوات بفعل الإرهاب الذي دمر وسرق المنظومة بالكامل، حيث قامت وزارة الصحة بتزويد مديرية الصحة بمنظومة اتصالات حديثة للعمل على مدار الساعة وبـ 15 سيارة تغطي كامل مساحة مدينة حلب.
وأضاف أنه ومنذ تحرير حلب عملت المديرية ومن خلال الدعم الذي قدمته الحكومة ومحافظة حلب على ترميم 32 مركزاً صحياً، فيما يجري حالياً ترميم 7 مراكز صحية، لافتاً إلى أن عدد الخدمات التي قدمتها المراكز خلال نفس الفترة بلغ مليونا و706 آلاف و317 خدمة.
إعادة 1200 مركز تحويل للخدمة
المهندس محمد عمر الصالح مدير الشركة العامة للكهرباء أشار إلى تعرض المنظومة الكهربائية «مراكز – شبكات» لأضرار كبيرة، فمن خلال السبر الذي قامت به الشركة بعد تحرير حلب على الأحياء المحررة والريف المحرر تبين تدمير وخروج 2000 مركز تحويلي عن الخدمة في المدينة و600 مركز في الريف، وتجاوزت الأضرار ماقيمته 65 مليار ليرة، ولكن من خلال توجيهات الحكومة والمتابعة الدائمة من الوزارة والمحافظة تمكنت الشركة ومن خلال كوادرها العاملة من إعادة تأهيل 1200 مركز تحويلي مع صيانة وإعادة تأهيل شبكات في المدينة والريف للتجمعات السكنية والصناعية.
278 مشروعاً لمياه الشرب
وفيما يتعلق بمياه الشرب أكد المهندس يوسف كردية مدير عام المؤسسة أنه بعد أن تم تأهيل محطات الضخ في البابيري ومسكنة والخفسة ومحطة سليمان الحلبي ضمن المدينة لتأمين التغذية بمياه الشرب لمعظم أحياء المدينة وجزء من الريف الآمن فقد بلغ عدد المشاريع المنتهية لمؤسسة المياه /278/ مشروعاً (شملت صيانات وتمديد شبكات وتركيب خزانات ومحطات) منها إلى /129/ مشروعاً خلال عام 2019، وكان آخرها مشروعين لمياه الشرب في حلب وريفها الشرقي تضمنا صالة ضخ المشروع الرابع «المرحلة الثانية» في محطات ضخ الخفسة وتأهيل محطة ضخ مسكنة غرب، وكذلك مشروعان لمياه الشرب في مدينة نبل بريف حلب الشمالي.
صيانة واستبدال شبكات وخطوط الصرف الصحي
وكغيرها تعرضت البنى التحتية للتخريب والدمار حيث أوضح المهندس محمد بها حج حسين مدير عام الشركة العامة للصرف الصحي أنه مع بداية تحرير مدينة حلب تم استنفار كامل الجهود لإعادة تأهيل ماخربته الحرب من منظومة الصرف الصحي، فكانت البداية بإجراء عمليات مسح لتقدير الأضرار الحاصلة في المنطومة وجرد الإحتياجات والتواصل مع المنظمات المانحة لتقديم المؤازرة اللازمة، وخلال ثلاثة أعوام تم تنفيذ مشاريع بقيمة 4658 مليون ليرة، حيث جرى صيانة واستبدال شبكات وخطوط صرف صحي بطول 635450 م / ط، كما تم تعزيل ريكارات ومطريات عدد 120750.
تطوير أداء النقل الداخلي
وكان للنقل الداخلي العام الدور المهم في تعزيز صمود أبناء حلب وتحقيق الانتصار، فقد أوضح المهندس حسين سليمان مدير عام الشركة العامة للنقل الداخلي أن الشركة خرجت عن الخدمة لعام واحد فقط من الشهر الثامن 2012 ولغاية الشهر الثامن 2013 حيث تضررت خلالها المنشآت والباصات وخرج معظمها عن الخدمة حيث بلغت قيمة الأضرار المباشرة 12 مليارا و912 مليونا و612 ألف ليرة، ولكن ضمن الإمكانيات المتاحة من نقص في الآليات والكوادر عادت الشركة ومنذ الشهر الثامن 2013 لتمارس مهامها في خدمة نقل أبناء مدينة حلب من الأحياء الآمنة إلى مركز المدينة وبالعكس، وبدأت تشهد تطورات في أداء الخدمات من خلال الدعم الحكومي وبمتابعة من وزارة الإدارة المحلية والبيئة تم رفد الشركة بـ 21 باصا جديدا إضافة إلى 15 باصاً جديداً هدية من جمهورية الصين الشعبية وتم إعمار 6 باصات من باصات الشركة ليصبح بذلك عدد الباصات التي تمتلكها الشركة حاليا 148 باصاً بعد أن كانت تمتلك قبل الحرب 510 باصات.
وأضاف سليمان أن الشركة تقوم حاليا بتخديم 17 خطاً منها 10 ضمن المدينة و7 إلى ريف المحافظة المطهر، إلى جانب تأمين نقل الكوادر التعليمية بشكل يومي من مدينة حلب إلى المجمعات التربوية في ريف المحافظة وتفرعاتها.
النهوض بالتجمعات الصناعية والحرفية
وبالنسبة للقطاع الصناعي يؤكد مدير الصناعة المهندس سامر عودة أنه لحظة تحرير حلب كان عدد المنشآت الصناعية والحرفية العاملة 2500 منشأة، بينما وصل حالياً إلى 16256 منشأة في المدينة والريف ضمن المناطق والتجمعات الصناعية والحرفية.
وأشار مدير الصناعة إلى أن هذه الزيادة والتي جاءت على مدى ثلاث سنوات كانت بفضل تصميم أبناء الوطن على إعادة إعمار وتأهيل منشآتهم المتضررة، ومن خلال الدعم الذي توليه الحكومة ومحافظة حلب من أجل إعادة نبض الحياة إلى الصناعة نظراً لما تشكله حلب من ثقل في الميزان الصناعي والذي يعتبر دعامة أساسية من دعامات الاقتصاد الوطني.
عودة الفلاحين لأراضيهم الزراعية
مدير الزراعة المهندس نبيه مراد أشار إلى القطاع الزراعي بشقيه النباتي والحيواني تعرض لأضرار كبيرة نتيجة اعتداء العصابات الإرهابية المسلحة أدت إلى خروج مساحات واسعة من الأراضي بسبب تخريب شبكات جر المياه وقنوات الري خاصة في الريف الشرقي والتهجير القسري للفلاحين من أراضيهم.
وأضاف مراد أنه بعد تحرير حلب منذ ثلاث سنوات استعادت الزراعة عافيتها تدريجيا من خلال عودة المساحات المحررة من الأراضي للإنتاج وتأهيل منظومات الري وعودة الفلاحين للعمل بعد توفير مستلزمات الإنتاج، مشيراً إلى أن عودة الأمن والاستقرار للريف الشرقي ساهم بعودة الفلاحين لأراضيهم واستفادتهم من مشاريع الري وبالتالي، حيث تم هذا العام تجهيز وزراعة مساحة 60 ألف هكتار من الأراضي المروية وعلى مستوى المحافظة بلغت مساحات القمح البعل والمروي المزروعة 350 ألف هكتار في عشر مناطق زراعية مشيرا إلى أن موسم الأمطار لهذا العام يبشر بالخير وأن المساحات المزروعة بالقمح والشعير تجاوزت 60 بالمئة من الخطة.
وذكر مدير الزراعة أن المساحات المخططة للزراعة للموسم الحالي تفوق المليون هكتار وبكل المحاصيل كالقمح والشعير والقطن والزراعات الشتوية والخضراوات إضافة إلى الأشجار المثمرة وأهمها الزيتون حيث وصل عدد الأشجار إلى 23 مليون شجرة زيتون وعاد قسم من معاصر الزيتون للعمل بعد إعادة تأهيلها وهي منتشرة في ريفي الباب ومنبج ، مختتماً حديثه بأن حلب كان لها شرف إستضافة الإحتفال المركزي بعيد الشجرة عام 2017 .
توفير مستلزمات العملية التعليمية
مدير تربية حلب إبراهيم ماسو أوضح أن الحرب الظالمة التي تعرضت لها حلب أدت إلى تدمير الكثير من المدارس ، وكان عدد الطلاب آنذاك – لحظة التحرير – ما يقارب 220000 طالب وطالبة تستوعبهم 290 مدرسة ، إلا أنها استطاعت بدعم من الحكومة ووزارة التربية والمحافظة إعادة تأهيل وصيانة البناء المدرسي، وتأمين البنية التحتية ومستلزمات العملية التعليمية ، حيث وصل عدد الطلاب في العام الحالي ريفاً ومدينة إلى ما يقارب 565000 طالب وطالبة ، وبلغ عدد المدارس 1460 مدرسة .
وأشار إلى أن هذا التطور هو رسالة للعالم أجمع أن سورية بهمة أبنائها وتصميمهم قادرة على إعادة إعمارها وأن وزارة التربية تواكب باستمرار في عملها انتصارات الجيش العربي السوري على الأرض .
السياحة إلى الواجهة
وكان للقطاع السياحي الدور البارز والهام في إعادة نبض الحياة إلى المدينة الصامدة والمنتصرة ، حيث شهدت المدينة حراكاً حكومياً عالي المستوى من خلال زيارات متتالية وضعت النقاط على الحروف لينهض طائر الفينيق من تحت الركام.
المهندسة نائلة شحود مديرة السياحة بحلب أوضحت أنه ومن خلال الدعم الحكومي والمتابعة الدائمة من المحافظة والجهات المعنية تم عودة 7 فنادق للعمل من فئة / 4 – 3 – 2 / نجمة ، إضافة إلى 22 فندق من فئة النجمة الواحدة إلى جانب 3 نزل ، ليصبح بذلك عدد منشآت المبيت العاملة 31 منشأة ، إلى جانب منشآت المبيت هنالك منشآت إطعام دخلت حيز الخدمة منها مطاعم ومسابح وصالات شاي ومقاه .
وأضافت شحود أنه وبعد تحرير حلب بدأت المدينة تستعيد نشاطها السياحي من خلال إقامة الأنشطة والفعاليات ، حيث إستضافت حلب هذا العام الإحتفال المركزي بيوم السياحة العالمي من خلال إقامة حفلات فنية على مدرج قلعة حلب ومعرض للمهن التراثية في مبنى الخدمات الفنية وماراثون ومسابقات رسوم في محيط القلعة وغيرها من الفعاليات ، كما تم إقامة يوم التراث في فندق شهباء حلب .
من جانبه المهندس طلال خضير رئيس غرفة سياحة المنطقة الشمالية أشار إلى أنه تم التواصل مع أصحاب المنشآت المتضررة في محيط القلعة من أجل العمل على إعادة إعمارها وتأهيلها ووضعها في الخدمة خاصة بعد التسهيلات التي قدمتها الحكومة ، لافتاً إلى عودة معظم المنشآت السياحية حول محيط القلعة مثل حمام باب الأحمر ومطعم بيرويا والمقاهي الواقعة قبالة باب القلعة .
وقال خضير أنه وبالتوازي مع ذلك عملت الغرفة على إقامة دورات تأهيل وتدريب لإعداد كوادر بشرية قادرة على تقديم الخدمات السياحية سواء من خلال المنشآت أو المكاتب أو الدلالة السياحية .
حلب – فؤاد العجيلي:
التاريخ: الاثنين 23-12-2019
الرقم: 17152