هدر غير مقصود..!!

 لا يغيب عن الذاكرة مشهد ذلك الرجل الذي كان يجوب الأزقة والأحياء والحارات منادياً على السامعين ومعلناً رغبته بشراء كل ما لديهم من الخبز اليابس، والذي شكل حالة من الثقافة الشعبية لدى الكثيرين وبات جزءاً من موروثنا المحلي ويحاكي تفاصيل حياتنا اليومية على مدى عقود..
هذا الأمر الذي كان يمر مرور الكرام على الكثيرين، بات اليوم يدفع بسؤال كبير عن مدى حجم التعامل بالخبز اليابس بعد أن كاد يتحول إلى نشاط اقتصادي قائم بحد ذاته، يسمى تجارة الخبز اليابس، ففيما سبق لم يكن أحد ليسأل عما يفعل ذلك الرجل بما يشتريه من الناس وإلى أين يذهب به، وغالباً ما كان البعض يبيع ما لديه من بقايا خبز يابس على مبدأ (أفضل من رميه ببلاش)..!!
فبحسب تقديرات تحدث بها مدير عام السورية للمخابز مؤخراً نجد أن حجم ما يلقى يومياً من الخبز الفائض عن استهلاك مليوني أسرة فقط يصل إلى 450 طناً، بواقع رغيف ونصف الرغيف من كل أسرة، هذا الرقم التقديري يشكل حوالي 15% من إجمالي إنتاج مخابز سورية يومياً وهو رقم لا يستهان به إذا ما علمنا أن تكلفة رغيف الخبز الواحد تصل إلى خمسين ليرة، وبالتالي يكون لدينا كمية الهدر (غير المقصود) كما سماها مدير عام المخابز تصل إلى حوالي 150 مليون ليرة يومياً.
ولأن رغيف الخبز خط أحمر والدولة مستمرة بتقديم كل الدعم له ليصل إلى المواطنين كافة في مختلف المدن والقرى والبلدات بأقل التكاليف وبالسعر المدعوم، ولأن حجم الدعم يصل يومياً إلى مليار ليرة بحسب مصادر السورية للمخابز، فإنه يمكننا أن نتأكد تماماً أن هناك نشاطاً اقتصادياً حقيقياً تشكل على تخوم هذا الدعم وهو نشاط طفيلي يعيش عليه ويقتات منه ويتسبب بخسائر كبيرة للخزينة العامة التي تتحمل كل تلك الأعباء..
ولعلنا هنا نقف على أعتاب قضية تحتاج الكثير من إعادة النظر في طريقة استهلاكنا لمادة الخبز، بحيث يتم تقليص هذا الهامش من الهدر سواء أكان مقصوداً أم غير مقصود، واتباع نمط استهلاكي يقوم على شراء كفاية الشخص أو العائلة دون زيادة أو نقصان، وهنا لا نتحدث عن الترشيد بقدر ما نتحدث عن إدارة استهلاكنا من الخبز، بما يساهم في تقليص حجم الهدر وضمان وصول الدعم إلى الجميع بالتساوي.

محمود ديبو
التاريخ: الأحد 26-1-2020
الرقم: 17177

آخر الأخبار
السيطرة الكاملة على حريق "شير صحاب" رغم الألغام ومخلفات الحرب    بين النار والتضاريس... رجال الدفاع المدني يخوضون معركتهم بصمت وقلوبهم على الغابة    تيزيني: غرف الصناعة والتجارة والزراعة والسياحة كانت تعمل كصناديق بريد      تعزيز التعاون في تأهيل السائقين مع الإمارات بورشة عمل افتراضية     الإبداع السوري .. في"فعالية أمل" ريف اللاذقية الشمالي يشتعل مجدداً وسط صعوبات متزايدة وزير الطاقة: معرض سوريا الدولي للبترول منصة لتعزيز التعاون وتبادل الرؤى بطولات الدفاع المدني .. نضال لا يعرف التراجع في وجه الكوارث والنيران  وزير الطاقة يفتتح "سيربترو 2025"  وزير الطوارئ يتفقد مواقع الحرائق ويشيد بجهود الفرق الميدانية   500 سلة إغاثية لمتضرري الحرائق باللاذقية  السويداء على فوهة البندقية.. سلاح بلا رقيب ومجتمع في خطر  دمشق وأبو ظبي  .. مسار ناضج من التعاون الثنائي الحرائق تتمدد نحو محمية غابات الفرنلق.. وفرق الإطفاء تبذل جهوداً جبارة لإخمادها امتحانات البكالوريا بين فخ التوقعات والاجتهاد الحقيقي "لمسة شفا" تقدّم خدماتها الصحية والأدوية مجاناً بدرعا مشاريع خدمية بالقنيطرة لرفع كفاءة شبكة الطرق تطويرالمهارات الإدارية وتعزيز الأداء المهني بعد تدخل أردني وتركي..الأمم المتحدة تدعو لدعم دولي عاجل لإخماد حرائق اللاذقية متابعة التحضيرات النهائية لانطلاق امتحانات "الثانوية" في ريف دمشق