ثورة أون لاين- بشرى سليمان:
جاء كورونا بحجره الصحي وغيّر حياة الناس فتغيرت معه العادات اليومية من العمل إلى الأكل وحتى أساليب الترفيه والأهم من كل ذلك عودة الدفء إلى العلاقات بين أفراد الأسرة الواحدة، وكذلك الاهتمام المستمر بالأصدقاء والأقارب بالاطمئنان عن أخبارهم وأحوالهم الصحية بمساعدة وسائل التواصل الاجتماعي.
في الأغلب هذا ما حدث مع معظم الأسر السورية وهو شيء جميل، جعل الأب الذي يقضي معظم وقته في المنزل يهتم بأبنائه، ويتعرف على تفاصيل يومياتهم ويشاركهم في الحوار والمناقشات، وبعض الأنشطة بعدما كان منشغلاً بساعات طويلة من العمل، جعلته كالضيف يأتي إلى بيته ليأكل وينام فقط، لا يعلم بالقرارات التي يتخذها أبناؤه في غيابه، سواءً في اختيار أصدقائهم، أم في تحديد مصيرهم التعليمي، أو في ما يرتكبونه من أخطاء.
كذلك الأمر مع الأم وخاصةً العاملة إذ وجدت وقتاً إضافياً تخصصه للاهتمام بنفسها، بعد إهمال غير متعمد سببه كثرة الأعباء الملقاة على عاتقها والتي أمكن إنجازمعظمها في الوقت الراهن.
إن طول مدة البقاء في المنزل والمحافظة على التباعد الاجتماعي بسبب الحظر المفروض، كشف المستور فيما يختص بأسرار بعض البيوت، كما سلط الضوء على مشكلات أدت إلى توتر العلاقات الأسرية، تدور في مجملها حول اعتراض الآباء على الأبناء في الاستخدام المفرط للموبايل، أو عدم الاستجابة للأوامر، وعدم الالتزام بقوانين المنزل الموضوعة لتحقق مصلحة الجميع، أو التقصير الدراسي على سبيل المثال، أو الدخول بحوارات طويلة ومرهقة مع الوالدين.
الأخطر من كل ذلك شجار الآباء والأمهات مع بعضهم، ربما بسبب اختلاف وجهات النظر في تربية الأطفال، كأن يؤمن الأب بالصرامة والشدة بينما تؤمن الأم باللين، أو يؤمن أحدهما بالطريقة الحديثة والآخر بالطريقة التقليدية، وقد يكون الخلاف بسبب فوضى منزلية أدت إلى تذمر الأم منها ومن الأب الذي يعتبر بسبب شرقيته وتقاليد مجتمعه أن الأعمال المنزلية هي فقط من اختصاص المرأة، وأنه يجب أن يتدخل في كل صغيرة وكبيرة، ما يسبب الضيق والملل للزوجة.
من الطبيعي أن تحدث الخلافات والمجادلات في البيت بين الحين والآخر خاصةً في ظل الظروف الراهنة من الوباء العالمي إلى الضغوط النفسية على جميع أفراد الأسرة، كما أنه بالإمكان أيضاَ إيجاد التوازن المطلوب في الأسرة، فلا مانع من مشاركة الرجل لزوجته في تحمل بعض أعباء الشغل، والقيام بأمور تحبها المرأة في شريكها، كإحضار حاجيات المنزل على سبيل المثال، ومشاركتها في بعض الطبخات التي تحتاج جهداً ووقتاً، ما يخفف الضغط عنها وخاصةً في شهر رمضان المبارك الذي تزامن وجوده مع الحجر الصحي القائم.
وكذلك بالنسبة للأطفال يجب تحميلهم المسؤولية في الصغر ما يفيدهم في الكبر، حيث يشاركون الأم والأب في الأعمال المنزلية، وهذا من شأنه توفير وقت أطول يشاركهم فيه الآباء بأنشطة ترفيهية أو تعليمية، أو حتى أحاديث أسرية على مائدة الطعام مثلاً، من دون نسيان إعطاء مساحة أكبر من الحرية وأكثر من المعتاد، للأطفال الأصغر سناً ليمارسوا شغفهم في اللعب من دون قواعد صارمة من الأبوين.
من الأشياء المهمة في العلاقات الأسرية أن يفهم كل واحد طبيعة الآخر، طبيعة مشاعره، طبيعة تفكيره، حتى لو كان هناك اختلافٌ فيها يجب أن يكون اختلاف فيه نبضات الحب والتفاهم والتعاون من أجل حل المشكلات الصغيرة قبل الكبيرة وهذا هو المناخ الصحي للعائلة.