تمر الأسر في مراحل من حياتها بصعوبات ومحن متفاوتة في شدتها وإمكانية تجاوزها، منها ما يتعلق بمرض أحد أفرادها، ومنها بضيق مادي أو خلاف عائلي، وقد تنجح بتجاوز كل ذلك وتصل إلى برّ الأمان من دون الحاجة للمساعدة من صديق أو قريب، وربما تطلب يد العون ممن تثق بهم، وفي كلا الحالتين شرط النجاة تعاون الجميع مع بعضهم البعض، الأب والأم والأبناء، الصغار كما الكبار.. شعور التضامن بينهم قد يكفي ليعطيهم القوة المعنوية والتماسك لحل مشكلتهم.
عاشت الأسرة السورية هذا الاختبار في أشد حالاته طوال سنوات الحرب العدوانية، حين فقدت أحد أفرادها أو أكثر، ويوم تهجرت، ويوم فقدت مصدر رزقها، لكنها عادت بتضامن أفرادها مع آلامهم وخسائرهم، وبأمل البقاء في وطن يتعافى ومجتمع ينهض ببقائهم وكفاحهم.
تعود المحنة اليوم بأبشع أشكالها، مع تشديد العقوبات الأميركية الجائرة، ليس بسبب العقوبات وحدها، وإنما بسبب جشع التجار وضعف الأداء في إدارة الاقتصاد الوطني بما يواجه التخفيف من آثار العقوبات.
نجحت الأسرة السورية بنسب متفاوتة وطوال سنوات الحرب الظالمة والغلاء وفقد العديد من المواد، بتأمين أمنها الغذائي، سواء بإعداد المؤن من موسم لموسم، أو بإلغاء بعض الأصناف من وجباتها، وأحيانا بإطعام الأبناء بالدور، وكل ذلك بما توفر لها من موارد محدودة، فكيف لنا في بلد غني بالزراعة، وفيه ما يكفي من الغاز والكهرباء لضبط اقتصاد يحمي الناس من الفقر وآثار العقوبات، ولا نستطع تأمين عيش مواطنينا؟
الحكومات كما الأسر، إن لم تشرك الجميع وتستمع للجميع، الصغير كما الكبير، وتعتمد التضامن والتقاسم، واستثمار الموارد والأفكار لن تنجح في تجاوز المحن.
الأبوان الناجحان المدبران، يشرعان الباب في أسرتهما للحوار حول كل فرصة للنجاة، مدعومة بمشاعر التضامن والتمسك بأمل النجاة، يرحبان بأي فكرة قد تساهم بمضي الجميع إلى بر الأمان، هنا لا مكان ولا وقت للتأجيل ولا لعبارة “بلا فلسفة” لرأي قد لا يعجبهم.
لينا ديوب – عين على المجتمع