حالة من الفلتان السعري في أسواقنا تحولت خلال الأيام القليلة الماضية إلى إغلاقات عن سابق تصميم لاحتكار السلع والمواد الغذائية وحتى الدوائية التي يحتاجها المواطن بشكل أساسي، والهدف من ذلك رفع أسعارها إلى مستويات جنونية لم يعد بمقدرته تحملها في ظلّ الوضع الاقتصادي الحالي وحالات المضاربة التي أصبحت بشكل علني.
وكل ما نراه من الجهات المسؤولة عن أسواقنا تسجيل عدد من الضبوط والتوعد والتهديد باتخاذ أقصى العقوبات للمخالفين، و إصدار التعاميم لإلزامهم بالتقيد بالأسعار من دون أي محاسبة حقيقية على الأقل لمن يغلق محله كيفما يشاء، رغم أن قانون حماية المستهلك الحالي ينص على عقوبات رادعة حيال ذلك.
والسؤال الذي نطرحه دائماً: لماذا لم تنجح تلك الجهات بالتعامل مع أسواقنا التي تسودها حالة الفوضى السعرية مع غياب الأجهزة الرقابية، وكان جلّ ما فعلته التجريب الذي انعكس بصورة سلبية على المواطن؟.
وللأسف عند أي محاولة للتصدي لهذا الواقع لا نرى إلا مجرد عقد اجتماعات على أمل إصدار قرارات تخفف من تدني المستوى المعيشي للمواطن وضبط الأسواق وتصويب الخلل وردع المخالفين، وبالنتيجة نكون أمام تمنيات لكلا الطرفين (الحكومة والمواطن) وكأن الجميع ينتظر أن يعود التاجر والمحتكر إلى رشدهما ويقفا إلى جانب البلد في هذه الظروف الصعبة التي زادت منها العقوبات الاقتصادية الجائرة وتحديداً مع ما يسمى قانون قيصر.
ما يحدث هو مزيد من توسع الفجوة بين المواطن والجهات الحكومية، ما يعني غياب الثقة بدلاً من ترسيخ واعتماد المكاشفة والشفافية والتعامل مع الملفات المعيشية بطريقة استثنائية من خلال إصدار قرارات استثنائية سريعة لتفادي المنعكسات السلبية القادمة.
ورغم هذا المشهد القاتم يترقب المواطن صدور قرارات وإجراءات حاسمة وليس مجرد أنصاف حلول، ذلك أننا أمام واقع صعب يتطلب تضافر جهود الجميع مع اتخاذ قرارات فورية وسريعة على أرض الواقع، والتعامل بشكل حاسم مع المحتكرين والتجار الذين لا يفوّتون فرصة لتحقيق الربح الفاحش على حساب قوت المواطن الذي صبر وعانى طوال سنوات الحرب، ويتحمل حالياً لثقته بوطنه وبإمكاناته التي طالما كانت الحصن القوي ضد كلّ من يحاول العبث بأمنه.
الكنز – ميساء العلي