أن تستمع للموسيقى في بيتك أو في معهد موسيقي أو دار أوبرا فهذا أمر طبيعي، لكن أن تذهب إلى المشفى لترى حشداً من الناس يقفون ويسمعون الموسيقا فهذا أمر يستحق الوقوف عنده في ظروف كهذه… فربما لهذا الفعل أهمية مضاعفة.
سورية أرض الأبجدية الأولى، وأول نوتة موسيقية فيها، ليس غريباً عليها وهي أم الحضارات أن تستخدم الموسيقى ضمن الهواء الطلق في بعض المشافي العامة كتحية شكر وعرفان للكادر الطبي الذي تحمل مخاطر الإصابة بفيروس كورونا من خلال استقباله للحالات المشتبه بها وعلاج أي حالة وافدة إلى المشفى.
جميل هذا الحدث، فهو فعل حضاري وثقافي واجتماعي بامتياز، فحين يجتمع الطب والموسيقى فهذا كسب للثقافة والمعرفة والإنسانية، ومن جهة أخرى يعني هذا العلاج الروحي والجسدي، فهل ننسى أن الموسيقى استخدمت كعلاج منذ قرون، وحسب العلماء هي عنصر أساسي للعقل البشري تساعد على بناء أذهاننا وتنمية مشاعرنا، كما أنها تثير معظم أجزاء الدماغ أكثر من أي شيء آخر، وتحرك العواطف بشكل سحري.
ألم يعتبر (أبولو) أحد آلهة الإغريق القدامى إلهاً للموسيقى والطب؟
في تلك الظروف الاستثنائية ابتكر السوريون أنشطة ثقافية مختلفة عمّا عرفناها أو اعتدنا عليها، وكلنا أمل أن تستمر مثل هذه الفعاليات الموسيقية على بساطتها وعفويتها، فربما أصيب الجمهور (بالملل) من الحفلات الرسمية والدعوات والكرافات ووو … وبات يبحث عن الحراك المتجدد الذي يتطلب تفاعلاً بين المتلقي وأصحاب المشاركات أو المبادرات.
دعونا نذكّر بما قاله الفيلسوف الألماني فريدريك ذات يوم: «لولا الموسيقى لكانت الحياة ضرباً من الخطأ»، ويمكن القول أيضاً: الموسيقى قد تصلح أخطاءً كثيرة.
عمار النعمة – رؤية