ثورة أون لاين-رئيس التحرير عـــلي قــاســـــــم :سورية لا تشبه غيرها.. بل لا تتقاطع المشاهد التي تبنيها إلا معها.. وسورية أيضاً التي يعانقها المجد هي ذلك الرابط بين جبهات التاريخ وضفاف الحضارة، بين أصالة الإنسان وتجذر الحياة فيها. سورية حكاية قديمة تتجدد، مر عليها غزاة.. حاول محتلون.. استهدفها متآمرون على مر التاريخ.. طعنها أشقاء وجيران.. أوغلوا في طعنهم لاستنزاف الدم السوري.. لإنهاك الجسد الذي يرفض الخنوع، لكنهم جميعاً طواهم الزمن بعد أن تراجعوا وراجعوا. والسوريون الذين تجذروا في هذه الأرض.. واجهوا طامعين.. وحاربوا حاقدين، قاوموا وما استسلموا، نهضوا في كل مرة ليكونوا أقوى، خرجوا من محنتهم ومن الصعاب التي واجهتهم أكثر تماسكاً وأكثر مقدرة على الانطلاق بخطا واثقة نحو المستقبل. سورية والسوريون كانوا أمس على موعد جديد في ساحات الوطن.. على امتداد الأرض التي احتضنتهم.. وبوسع الجغرافيا التي رسمت معالمهم.. وبعمق التاريخ الذي يذخر بإنجازاتهم.. سورية والسوريون، لم يرهبهم يوماً تهديد.. ولم يأخذهم وعيد.. لم يقبلوا يوماً بأقل مما يجب أن يكون لهم.. حقهم لا يتنازلون عنه.. وعداوة مشيخات الخليج والبعض العربي لا تعدّل في خياراتهم، واستعداء الغرب لهم لا يبدّل في أولوياتهم، والتحريض والتجييش الإعلامي لا يغير من قناعاتهم. تلك كانت رسالة الملايين منهم في ساحات الوطن.. وأينما حلوا أو وجدوا.. وكيفما كان موقفهم أو اتجاههم. سورية لا تشبه غيرها.. سلم بها الأعداء كما يدركها الأصدقاء.. وما في سورية هو لسورية والسوريين.. وما يحتاجونه يجب أن يكون بصياغة سورية.. بأنامل السوريين، ليكون على قدر تطلعاتهم وبمستوى طموحاتهم.
سيبقى المنافقون والمتآمرون والمرتزقة والأدوات المصنعة على المقاس الإسرائيلي حيث هم.. فيما سورية والسوريون يخطون طريقهم.. مشروعهم الإصلاحي وقد اكتمل نضوجه.. مسيرة البناء التي ستنطلق لإعادة ما خربته الأيدي الآثمة.. لتعيد ما هدمته النفوس المهزومة والعقول الحاقدة، هو التحدي القادم.. وهم أهل له.. هي المعركة بفصولها الجديدة.. وقد أعدوا ما يلزمُ لها.
يداً بيد وجنباً إلى جنب .. إعادة الأمن والأمان والاستقرار.. الانطلاق في المشروع الإصلاحي .. العمل على النهوض بورشة البناء الداخلي.. أولويات وطنية يعرفها السوريون وقد اتخذوا قرارهم فيها ولا عودة عنه..
سطر ملايين السوريين في ساحات الوطن رسالتهم، وخطوا بحضورهم لوحة الوطن التي بدت أكثر وضوحاً من أي وقت مضى، وهم يؤكدون بصوت الملايين، هذه الوحدة التي كانت درعهم الحصين في مواجهة ما يتعرضون له، كما كانت سلاحهم الأمضى لإفشال ما يحاك من مؤامرات.
أصواتهم وملامحهم وسواعدهم الممدودة.. أعلام الوطن التي ترتفع عالياً كانت يقينهم المتجدد بأن الغد الذي يعملون له هو الذي تصنعه إرادتهم وصمودهم وتحديهم.
لم يكن الأمر بحاجة إلى شرح، وقد أسهبوا في الشرح، وهم يتقاطرون إلى ساحات الوطن.. إلى شوارعه.. إلى الطرقات الممتدة بين شرايينه.. ولن تستطيع قوة في الأرض أن تمنع تواصل السوريين.. أن تحول دون ترداد صدى أصواتهم.. أو أن توقف مدى خطواتهم.
a-k-67@maktoob.com
المصدر: جريدة الثورة