ثورة أون لاين-باسل معلا:
ما زال الكثير من المهتمين في انتظار قرار عودة الإقراض في المصارف التي توقفت للمرة الثانية مؤخراً، فبعد أن توقفت على هامش إجراءات التصدي لفيروس كورونا عادت مرة ثانية للتوقف بقرار من مصرف سورية المركزي بتوجيه حكومي مع الارتفاع الذي طرأ على سعر صرف الدولار مقابل الليرة.
رغم الامتعاض والخسائر التي تعرض لها البعض جراء توقف الإقراض إلا أنه كان قرار صحيح وإيجابي، فإذا تحدثنا وفق المنطق الاقتصادي، فلا منطق في منح القروض وخاصة الكبيرة منها في وقت تشهد فيه عملتنا الوطنية أشرس حرب شنت عليها، حيث شهدنا مؤخراً تصاعد حدة العقوبات والحصار الظالم، وبالتالي استمرار منح القروض في ظل هذا الوضع غير صائب اقتصادياً، فالمقترض الذي تسلم مبالغ ضخمة من الليرة قد يبادر للمضاربة فيها عبر تحويلها للدولار أو للذهب، ما سيزيد الضغط على الليرة.
من جانب آخر، فالإقراض بالنسبة لأي مؤسسة مصرفية حالياً يعني خسارة مؤكدة، وأن التزم المقترض بالشروط والأقساط مع تراجع سعر صرف الليرة، وهو أمر شهدناه كثيراً خلال سنوات الحرب، وجميعنا يتذكر ملف القروض المتعثرة الذي كان عنواناً عريضاً للخسائر التي تعرضت لها الدولة لصالح التجار ورجال الأعمال المتعثرين على الورق فقط..
هل هذا يعني أن تتوقف الجهات المعنية عن الإقراض نهائياً؟
ليس هذا من المنطق في شيء، فالحياة الاقتصادية يجب أن تستمر وشريانها الأساسي هو الإقراض، ولكن يجب أن يتم وفق ضوابط جديدة تضمن حق المؤسسات المالية والمصرفية، كما تضمن أن لا يشكل ذلك خطراً على الليرة، والأهم من هذا وذاك أن لا تكون عمليات الإقراض هذه وهمية.
شهدنا مؤخراً طلب رئيس مجلس الوزراء من وزير المالية وحاكم مصرف سورية المركزي، عبر كتاب، اتخاذ ما يلزم لاستئناف عمليات الإقراض والتسليف، وفق القوانين والأنظمة النافذة.
وكلّف مصرف سورية المركزي ومجلس النقد والتسليف مراجعة ضوابط ومعايير الإقراض، والتشدد فيها، لجهة التأكد من ذهابها في القنوات المرغوبة والمطلوبة، وفق الخطط التنموية الاقتصادية والاجتماعية، وضمان عدم استخدامها بشكل غير مرغوب، وبما يؤثر سلباً في استقرار سعر الصرف.
أعتقد أن عودة الإقراض المصرفي لن تكون بعيدة وهي ربما أصبحت قاب قوسين أو أدنى، وليستعد الجميع ولتأخذ الجهات المعنية حذرها، وخاصة أن المتسلقين يعدون العدة كي يتحايلوا ليحققوا الثروات على حساب الدولة.