ثورة أون لاين:
يعرف كل من في الوطن العربي وكل من قرأ التاريخ العربي الحديث أن اليقظة العربية لم تكن لولا الكتاب والمفكرين السوريين في مطلع القرن الماضي، وبالتالي هم من زرع فكرة التحرر من نير المحتل العثماني..
فكانت الثورة العربية الكبرى التي طردت العثماني ..وكان أن تم إعلان استقلال سورية أو ما سمي بالعهد الوطني من عام ١٩١٨ إلى أن كانت معركة ميسلون عام ١٩٢٠..
خلال هذه الفترة القصيرة بدأت ملامح مؤسسات الدولة تترسخ على أرض الواقع ومنها قيام اول مجلس نيابي عربي …ليس تنظيرا ما نقوله بل هو من مذكرات الكاتب والمفكر العربي ساطع الحصري والتي جاءت تحت عنوان ..يوم ميسلون صفحة من تاريخ العرب الحديث..وطبعا كان خلال تلك المرحلة وزيرا ..صدرت المذكرات عام الطبعة الثانية عام ١٩٤٨ م وأعادت وزارة الثقافة السورية طباعتها عام ٢٠٠٤م ..
المؤتمر السوري..
يقول الحصري في الصفحة ٢٤٩من الكتاب المذكور وتحت العنوان السابق:كان المؤتمر السوري العام بمثابة مجلس نيابي ومجلس تأسيسي وقد تألف من نواب يمثلون الأقطار السورية بمناطقها الثلاث الشرقية والجنوبية والساحلية اي بلاد الشام التاريخية سورية وفلسطين ولبنان..
كان الغرض من المؤتمر اعلان الاستقلال أمام العالم كله وتشكيل حكومة وتقرير قانونها الأساسي..
وقد عقد المؤتمر أولى جلساته في ٣حزيران ١٩١٩م وآخرها في ١٩تموز سنة ١٩٢٠م
وقد عقد خلال هذه الفترة ثلاث دورات..
وقد وضع المؤتمر في دورته الاخيرة قانونا أساسيا اي دستور مؤلفا من ١٤٨ مادة وأتم في قراءته الأولى ثم باشر بالثانية وأنهى المواد السبع الأولى منها لكنه لم يستطع إنجازها بسبب ما سمي انذار غورو والعدوان الفرنسي ..
من قراراته:
إننا نحن الموقعين ادناه بامضاءتنا واسمائنا اعضاء المؤتمر السوري العام المنعقد في دمشق والمؤلف من جميع المناطق السورية الثلاث (بلاد الشام الطبيعية) الحائزين على اعتماد سكان مقاطعاتنا وتفويضاتهم , فقد قررنا الآتي , ووضعنا اللائحة المبينة لرغبات سكان البلاد الذين انتدبونا :
=أولا : إننا نطالب بالاستقلال السياسي التام والناجز للبلاد السورية التي تحدها شمالا جبال طوروس وجنوبا رفح فالخط المار من جنوب الجوف إلى جنوب العقبة , والعقبة الحجازية , وشرقا نهر الفرات فالخابور ودجلة والخط الممتد شرقي أبي كمال , إلى شرقي الجوف , وغربا البحر المتوسط وبدون حماية ولا وصاية.
=الشعب السوري الساكن هذه البلاد لايقل رقيا عن سائر شعوب العالم , وهو ليس في حالة يحتاج معها الى وصاية على استقلاله , لذا فإننا نحتج على المادة 22 الواردة في عهد جمعية الامم والقاضية بادخال بلادنا في عداد الامم المتوسطة التي تحتاج الى دولة منتدبة.
= إننا لا نعترف بأي حق تدعيه الدولة الفرنسية في أي بقعة كانت من بلادنا السورية , ونرفض أن يكون لها مساعدة ويد في بلادنا بأي حال من الاحوال .
= إننا نرفض مطالب الصهيونيين , بجعل القسم الجنوبي من البلاد السورية , اي فلسطين وطنا قوميا للاسرائيليين , ونرفض هجرتهم إلى اي قسم من بلادنا , لأنه ليس لهم فيها أدنى حق , ولانهم خطر شديد جدا على شعبنا من حيث الاقتصاديات والقومية والكيان السياسي.
=إننا نطلب عدم فصل القسم الجنوبي من سورية المعروف بفلسطين والمنطقة الغربيية الساحلية التي من جملتها لبنان , عن القطر السوري , ونطلب أن تكون وحدة البلاد مضمونة لاتقبل التجزئة بأي حال من الاحوال.
=نطالب بالاستقلال التام للقطر العراقي المحرر, ونطلب عدم إيجاد حواجز اقتصادية بين القطرين
= ان القاعدة الاساسية من قواعد ويلسون تقضي بالغاء المعاهدات السرية , تجعلنا نحتج على كل معاهدة تقضي بتجزئة بلادنا السورية , أو كل وعد خصوصي يرمي إلى تمكين الصهيونيين في القسم الجنوبي من بلادنا ونطالب أن تلغى المعاهدات والوعود بأي حال كانت.
هذه صفحة من تاريخ أول تجربة برلمانية عربية , رأت خطورة ما يجري , ونبهت إلى المحدق بالأمة , ولكن المستعمر الغربي كان قد أعد العدة للغدر ونكث بكل المواثيق والقيم , هذه رسالة السوريين , الحرية والسيادة والاستقلال , مضى قرن وعام على هذه القرارات , ومازالت سورية تقاوم وتعمل وتحفظ السيادة , وتستمر بتجربتها الديمقراطية التي تضع مصالح الشعب فوق كل مصلحة , والسيادة الوطنية فوق كل اعتبار , نحن اليوم نمضي قدما نحو الغد , جذورنا ضاربة في عمق التجربة , وغصوننا تمتد وتكبر وتقوى , ولن تكون سورية إلا قلب العروبة والفعل الحقيقي لكل ما تطمح إليه الجماهير العربية.