ثورة أون لاين – ترجمة ختام أحمد :
سمح مرسوم تركي أصدره أردوغان فتح “جوهرة” الإمبراطورية البيزنطية للعبادة الإسلامية وألغى مكانتها كمتحف وكأهم كنيسة مسيحية في العالم، ما أدى إلى احتجاج دولي واسع.
“آيا صوفيا”، أو كنيسة الحكمة المقدسة، بناها الإمبراطور البيزنطي جستنيان الأول في موقع كاتدرائية مدمرة تحمل نفس الاسم، وكانت من بين أكبر الهياكل المقببة في العالم وستكون بمثابة الكنيسة المسيحية الأرثوذكسية الأولى لمدة 900 عام تقريبًا، وأقيمت الاحتفالات الإمبراطورية بما في ذلك تتويج الأباطرة هناك.
تضيف الفسيفساء متعددة الألوان التي تصور العذراء مريم، والطفل يسوع، والملائكة والرموز المسيحية الأخرى إلى جانب الأباطرة وعائلاتهم التي حكمتها قرون من الحكام إلى سمعتها كجوهرة معمارية.
مع بداية الدولة العثمانية هزم السلطان العثماني محمد الفاتح الإمبراطورية البيزنطية واحتل اسطنبول، التي كانت تعرف آنذاك باسم القسطنطينية، وحول “آيا صوفيا” المهيبة على الفور إلى مسجد. كان المبنى بمثابة مسجد إمبراطوري، وأضاف السلاطين اللاحقون مآذن ومدرسة ومكتبة ونافورة، ليكملوا تحولها إلى مسجد.
في حكم مصطفى كمال أتاتورك، بطل الحرب الذي أسس الجمهورية التركية من أنقاض الإمبراطورية العثمانية عام 1923، جعل “آيا صوفيا” متحفًا في عام 1934 كجزء من إصلاحاته لبناء دولة علمانية. وأعيدت فسيفساؤها إلى العلن، وقد خدم الهيكل لسنوات كرمز لماضي اسطنبول الغني متعدد الأديان والثقافات.
وأُدرجت “ايا صوفيا” على قائمة مواقع التراث العالمي التي تحتفظ بها هيئة اليونسكو الثقافية التابعة للأمم المتحدة، وأصبحت واحدة من المعالم الأكثر زيارة في تركيا، تجذب ملايين السياح كل عام. ومع ذلك قوبل قرار أتاتورك بوقف استخدام آيا صوفيا كمسجد بالفزع من قبل الجماعات المتطرفة. لقد دعوا منذ فترة طويلة إلى “تحرير” المبنى الأيقوني من سلاسله.
ومؤخراً وقع أردوغان مرسومًا في 10 تموز يحقق رغباتهم بعد فترة وجيزة من حكم أعلى محكمة إدارية في تركيا بأن السلطان محمد الفاتح في اسطنبول قد ترك “آيا صوفيا” كمسجد وأن تحويل المتحف عام 1934 كان غير قانوني.
وتعهدت حكومته بحماية القطع الأثرية المسيحية في “آيا صوفيا” وإبقاء الهيكل مفتوحًا للسياح خارج ساعات الصلاة، وتمت إزالة كشك التذاكر في الخارج، وتمت تغطية الأرضيات الرخامية الداخلية بسجادة فيروزية اللون اختارها أردوغان بنفسه استعدادًا لأداء صلاة الجمعة الأولى، وقال مسؤولون إن الفسيفساء ستغطى بالستائر خلال الصلاة.
بالنسبة لأردوغان فقد وصف قرار أتاتورك بتحويل “ايا صوفيا” إلى متحف بأنه “خطأ” يتم تصحيحه الآن.
ويرى المنتقدون أن قرار أردوغان هو خطوة من جانبه لصرف الانتباه عن المشاكل الاقتصادية التي فاقمها الفيروس التاجي، ولمساندة قاعدة دعمه الديني المحافظ من أجل الانتخابات. كما يُنظر إلى تحويل متحف ايا صوفيا على أنه جزء من جهود أردوغان لإبطال إرث سلفه العلماني.
بقلم سوزان فريزير
اسوشيتد برس