الثورة-منهل إبراهيم:
شاركت الولايات المتحدة في العديد من التدخلات الأجنبية عبر تاريخها، وكانت هناك مدرستان فكريتان مهيمنتان في الولايات المتحدة حول السياسة الخارجية، وهما التدخل والانعزالية التي إما تشجع أو تثبط التدخل الأجنبي، العسكري والدبلوماسي والاقتصادي على التوالي.
وفي هذا السياق كشف استطلاع للرأي العام نظمه معهد كارينغي للسلام الدولي أراء ومواقف ما وصفه بالجيل “Z” حول أسلوب تعامل الإدارات الأميركية مع القضايا الدولية، ويمثل هذا الجيل اعمار الشباب الأميركي المولودين بين عامي 1997و 2012 والمؤهلين لشغل مناصب عليا بينها رئيس الولايات المتحدة، أكبر أفراد هذا الجيل سنا، مؤهلون بالفعل لشغل عضوية الكونغرس الأميركي.
وركزت أسئلة هذا الاستطلاع على قضايا السياسة الخارجية التي ناقشت الحروب في الشرق الأوسط وأوكرانيا إلى الإجراءات الدولية لمكافحة تغير المناخ، كشفت الردود عن نطاق واسع من الاهتمامات في الشؤون الدولية، لكنها في المحصلة تفضل أن تلعب الولايات المتحدة دورا أكثر تواضعا في العالم مقارنة بالأجيال السابقة، مثل بقية البلاد في عام 2025.
تظهر النتائج، أن الجيل “Z” يؤمن إيمانا راسخا بضرورة أن تلعب الولايات المتحدة دورا فاعلا في الشؤون العالمية، فيما كان الجيل السابق أكثر ميلًا بنسبة 8% للموافقة على أن تلعب الولايات المتحدة دورا فاعلا بدلا من أن تنأى بنفسها.
فيما ظهر استثناء مهم عند أجراء استطلاعات حول تغير المناخ، أظهر الجيل “Z” ميلا أكبر بشكل عام (بنسبة 8 نقاط مئوية) لاعتبار تغير المناخ مشكلة خطيرة ودعم العمل الأمريكي في الجهود الدولية لمكافحته (بنسبة 9 نقاط مئوية)، ومع ذلك، كان الاختلاف الأبرز هو القلق الذي أعرب عنه ناخبو الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الأصغر سنا بشأن هذه القضية، كان جيل “Z” من ناخبي ترامب أكثر ميلا بشكل ملحوظ من الجمهوريين الأكبر سنا لاعتبار تغير المناخ مشكلة خطيرة ودعم المشاركة الأميركية في الجهود الدولية لمكافحته.
وفيما يتعلق بالصين، كان جيل “Z” أقل ميلا بنسبة 16 نقطة مئوية للقول إنه “من المهم جدا” للولايات المتحدة تجنب الصراع العسكري مقارنة بعامة الناس، وترى الدراسة انه قد يعود ذلك إلى اعتقادهم بأن المواجهة العسكرية مع الصين غير محتملة، أو لعدم قلقهم الشديد بشأن تداعيات المواجهة، كما كان جيل “Z” أقل قلقا بشأن التفوق الأميركي على الصين مقارنة بعامة الناس، وأقل ميلا بشكل ملحوظ للقول إنه “من المهم جدا” للولايات المتحدة الحفاظ على تفوقها التكنولوجي على الصين في الصناعات التكنولوجية المتقدمة.
وتشير صحيفة الإندبندنت البريطانية إلى أن بعض التوترات، غالباً ما يتم تجاهلها في السياسة الخارجية الأميركية، وهذا يتمثل في كيفية إدارة الخلافات مع الأصدقاء والحلفاء، في اثنتين من أكبر الأزمات التي تواجه الولايات المتحدة في العالم اليوم، وهما الحرب في أوكرانيا والصراع في غزة، فإن السؤال يتمحور حول أفضل طريقة للتعامل مع شريك يعتمد على واشنطن ولكنه يقاوم نصائحها في بعض الأحيان، في كلتا الحالتين، استجابت إدارة الرئيس جو بايدن بطريقة صامتة وعفوية، وغالباً ما كان ذلك من دون إحراز أي نجاح يذكر. ومن عجيب المفارقات أن الإدارة التي جعلت التحالفات الأميركية محور سياستها الخارجية وجدت صعوبة بالغة في إدارة الخلافات التي تنشأ في تلك العلاقات.
وتؤكد صحيفة الإندبندنت أن المشكلة تعود لما قبل إدارة بايدن بفترة طويلة. فهي جزء جوهري من التحالفات، سواء كانت تحالفات بحكم القانون “معترف بها رسمياً بموجب معاهدات أو قوانين” أو بحكم الأمر الواقع “تحالفات غير رسمية”، لأن أقرب الأصدقاء حتى ليست لديهم مصالح متطابقة.
وعلى مدى عقود عديدة، طورت الولايات المتحدة استراتيجيات واسعة للتعامل مع النزاعات مع الخصوم، باستخدام تكتيكات تتراوح بين اتفاقات الحد من التسلح والقمم الدبلوماسية والعقوبات الاقتصادية وتغيير النظام والحرب.
ولكن عندما يتعلق الأمر بمعالجة الخلافات مع الأصدقاء، فإن تفكير واشنطن ونهجها أقل تطوراً وأضعف بكثير.
وفي الحقيقة تمنح شبكة التحالفات الواسعة للولايات المتحدة ميزة تفوق كبيرة على الصين وروسيا، اللتين تملكان عدداً ضئيلاً من الحلفاء، ولكن في الممارسة العملية، غالباً ما تكون فوائد هذا التفوق أقل بكثير مما ينبغي، بحسب صحيفة الإندبندنت.
