الثورة – ثورة زينية:
في خطوة وصفها الكثيرون بأنها متأخرة.. لكن ضرورية لإنهاء تعظيم الفرد والديكور السلطوي، واعتبرها آخرون أنها تشكل جزءاً من تحوّل تدريجي في المشهد العام في البلاد نحو مسح رموز نظام الأسد البائد واستبدالها بهوية مدنية جديدة.
قرار رسمي
أصدرت محافظة دمشق قراراً رسمياً يقضي بإزالة الشعارات والرموز والصور والتماثيل المرتبطة بنظام الأسد المخلوع من الشوارع والساحات والمباني الحكومية خلال 15 يوماً، وألزمت المحال التجارية بتوحيد واجهاتها بلون أبيض كريمي وفق نموذج تجميلي معتمد، ضمن خطة لإعادة تأهيل المشهد البصري وتعزيز الهوية المدنية للعاصمة.
مهلة نصف شهر
وعن تفاصيل القرار أكد أحد المعنيين في محافظة دمشق لصحيفة الثورة – فضل عدم ذكر اسمه – أن القرار الذي أصدرته محافظة دمشق بالرقم 3477 يتضمن إلزام جميع الجهات الحكومية بإزالة كل من صور المخلوع بشار الأسد، وتماثيل حافظ الأسد، والشعارات واللافتات الحزبية التي تمجد حزب البعث وكل ماله علاقة، كما يشمل أيضاً إزالة العبارات التي تمجّد النظام المخلوع، أو قياداته، أو حربه على ما كانوا يصفون بالإرهاب، والتي كانت تُستخدم كغطاء لتثبيت السلطة، يضاف إليها الرموز العسكرية وغيرها المنتشرة في المباني والساحات العامة.
وبين أنه أعطى مهلة لا تتجاوز 15 يوماً للتنفيذ، تحت طائلة المساءلة الإدارية، لافتاً إلى أن الهدف من القرار تحسين المشهد البصري للعاصمة وتعزيز الهوية المدنية والابتعاد عن التقديس السياسي في الفضاء العام.
كما يتضمن القرار حسب المعني في المحافظة إلزام المحال التجارية بتوحيد واجهاتها باللون الأبيض الكريمي ضمن نموذج تصميمي محدد ومنع رفع أي شعارات أو صور شخصية غير معتمدة، إضافة للعمل على ترميم الأرصفة وإزالة التلوث البصري، وتجميل الساحات الكبرى مثل، ساحة الأمويين، وساحة العباسيين، وجسر الحرية.
هوية وطنية
الخبير في تخطيط المدن سامر آقبيق أكد لصحيفة الثورة أنه وبعد الإطاحة بنظام المخلوع في الثامن من شهر كانون الأول الماضي من العام 2024، بدأت سوريا مرحلة انتقالية حاسمة تضمنت تفكيك رموز النظام السابق، بما فيها كل ما يخص عائلته ومؤسسات حزب البعث في اتباع لمسار يهدف إلى بناء هوية وطنية جديدة تُعزز تنفيذ العدالة الانتقالية وتفتح الباب لإعادة الإعمار السياسي والاجتماعي.
وشدد على أن دمشق تحتاج للكثير من القرارات الصائبة كي تستعيد صورتها الجميلة بعد أن فقدت الكثير من ألقها وتشوه نسيجها العمراني، وبات التشوه البصري عنواناً ضخماً للكثير من معالمها وأحيائها ومناطقها التراثية والتاريخية.
فرض السيطرة النفسية
ربيع دهمان- أستاذ جامعي اعتبر أن هذه الخطوة تؤرخ إضافة إلى ما سبقها من خطوات لنهاية حقبة وانحسار رمزية نظام الأسد المخلوع، مؤكداً ضرورة إزالة التشوه البصري على اختلاف أنواعه وصنوفه الذي نال من جمال العاصمة المجهولة الأقدم في تاريخ البشرية، إضافة إلى ما ارتكبته السياسات والاستراتيجيات السابقة لمحافظة دمشق من تعديات وانتهاكات بحق إرثها التاريخي والتراثي، ولعل المدينة القديمة يمكن استخدامها كشاهد بما وصلت إليه من تشويه وإهمال حتى اندثرت بعض معالمها الأثرية، ومنها سورها الشهير الذي لم يعد يملك من اسمه شيئاً، فيما لا تزال أخرى تصارع من أجل بقائها شاهداً حياً على حضارة دمشق التي بدأت منذ آلاف السنين.
دمشق اليوم حسب الأستاذ الجامعي دهمان تحتاج لجهود حقيقية مدعومة بخبرات وكوادر عالية المستوى من حيث التخطيط والأداء كي تستطيع أن تنهض بالمدينة من جديد.