سوريا في مرمى التضليل الإعلامي

الثورة_ مها دياب:
على امتداد منصات التواصل الإجتماعي، تتكاثر المؤشرات على وجود حملات إعلامية مشبوهة، تتسلل بخفة وتعمل بتنسيق منظم، مستغلة التوترات المجتمعية لنشر الانقسام وتأجيج الفتنة.
ما يجري ليس مجرد ردود فعل عشوائية أو تداول تقليدي للأخبار، بل هو استهداف ممنهج تقوده أطراف خارجية، تستخدم أدوات رقمية خبيثة لتشويه الرواية الوطنية وتعطيل الوعي العام.
هذه الحملات تفبرك وتوجه المحتوى بما يخدم مصالح سياسية وأمنية لأطراف خسرت مواقعها في سوريا، وتسعى إلى الإبقاء على البلاد في حالة عدم استقرار دائم.
عبسي سميسم، مدير مكتب سوريا في صحيفة العربي الجديد قال في تصريح لصحيفة الثورة إن هذا التصعيد لا يقرأ بمعزل عن تحولات المشهد الإقليمي، بل يأتي كجزء من محاولة مدروسة لضرب الهوية السورية عبر تغذية التحريض والكراهية والارتباك المعرفي.

تصاعد الكراهية الطائفية في الفضاء الرقمي

بين الثالث عشر والسادس عشر من تموز 2025، شهدت منصة تويتر انفجاراً غير مسبوق في الخطاب التحريضي والطائفي.
أكثر من أربعمئة ألف تغريدة تضمنت مضامين تدفع باتجاه الكراهية، فيما صدرت نحو مئة ألف منها عن حسابات وهمية خارج سوريا، استهدفت الأقليات الدينية بشكل مباشر.
وتجاوز معدل النشر اليومي ألف تغريدة طائفية، في مؤشر واضح على وجود نشاط منسق ومنظم لحسابات مصدرها لبنان والعراق، إضافة إلى حسابات إسرائيلية تعمل على زعزعة الاستقرار الاجتماعي في سوريا من خلال بث الانقسام والتوتر الطائفي.

الجهات المتضررة ومصلحة استمرار الفوضى

بحسب سميسم، فإن الجهات التي فقدت نفوذها بعد سقوط النظام، وفي مقدمتها إيران والميليشيات المرتبطة بها في العراق ولبنان، ترى في الفوضى الإعلامية فرصة لإعادة التموضع.
كما أن  اسرائيلي لا تنظر إلى سوريا إلا من زاوية مصلحية تحكمها الرغبة في إدامة عدم الاستقرار، وهو ما يفسر تورطها في دعم المحتوى المضلل والطائفي عبر منصات التواصل.
لقد عمدت هذه الجهات إلى استغلال الأحداث المؤسفة في السويداء كمادة خام للتحريض، عبر فبركة أخبار تستهدف طوائف بعينها، بهدف خلق رد فعل طائفي مضاد يقود البلاد إلى صراع داخلي طويل الأمد.

مسؤولية الدولة في مواجهة التحريض

ويؤكد سميسم أن الرد على هذا الاستهداف لا يمكن أن يكون مجرد تنديد إعلامي، بل يتطلب إجراءات فعلية تبدأ من الحكومة السورية نفسها، ومنها
الإسراع بإصدار قانون للإعلام الإلكتروني يجرم نشر الأخبار المضللة والخطاب الذي يحرض على الكراهية والطائفية.
وإصدار بيانات رسمية مرتبطة بكل حدث، حتى لا تترك الساحة مفتوحة للأطراف الأخرى التي تسعى لفرض روايتها المضللة
وأشار إلى ضرورة تفعيل مواثيق الشرف الإعلامية لدى الوسائل الرسمية والخاصة، والعمل على إصدار مدونات سلوك وطنية مستندة إلى هذه المواثيق الأخلاقية.

الإعلام الوطني واستعادة الثقة

و أكد أن الإعلام الوطني يحمل على عاتقه اليوم المهمة الأكبر في التصدي لخطاب الكراهية والطائفية، وذلك من خلال أدوات مهنية تضمن وصول المعلومة بشكل مسؤول، وعليه أن يصدر أخبارا تتسم بالمصداقية والموضوعية والتوازن، لكسب الثقة أمام الجمهور، وإعادة بناء العلاقة مع المتلقي بعيدا  عن الانفعالات.
كما انه لا يمكن التقليل من أهمية السوشال ميديا كوسيلة للوصول إلى شرائح واسعة، شرط استخدامها بطريقة مدروسة ترتكز على المهنية والالتزام الأخلاقي.
ايضا نوه إلى ضرورة تأسيس منصة وطنية مهنية، تُعنى بمتابعة الأخبار، وتقوم بكشف الأكاذيب والتضليل الإعلامي بشكل منهجي ومنظم.

المجتمع المدني وتعزيز المناعة المجتمعية

ويشدد سميسم كذلك على أهمية دور منظمات المجتمع المدني التي يقع عليها جزء كبير من مسؤولية بناء مناعة مجتمعية تجاه الخطاب الطائفي والتحريض، من خلال إعداد برامج تثقيف وتوعية تركز على نبذ خطاب الكراهية والطائفية.
وإطلاق حملات تفاعلية تعزز من ثقافة الحوار والتسامح والانتماء الوطني
أيضا أهمية دعم المبادرات التي تعنى بتدريب الشباب على استخدام الإعلام الرقمي بشكل واعٍ ومسؤول.

ضرب المجتمع السوري

وفي ختام حديثه، شدد  سميسم على أن ما تواجهه سوريا اليوم لا يختزل في أزمة معلومات أو تضارب سرديات، بل هو أخطر من ذلك بكثير. إنها حملة منظمة وممنهجة تستهدف عمق المجتمع السوري، وتسعى إلى ضرب تماسكه الداخلي وتفكيك روايته الوطنية لصالح روايات مضللة تُنتج خارج حدوده.
والمواجهة مع هذا النوع من الاستهداف،  لا تكون بالانفعال و المساجلات الإعلامية التي قد تسهم دون قصد في تعزيز الفوضى، بل عبر تأسيس منظومة معرفية متماسكة، مهنية، واعية، تتولى إدارة الخطاب الوطني بحكمة، وتصونه من التوظيف السياسي والتحريضي.

وعلى كل من يحمل منبرا إعلاميا، أو يدير منصة رقمية، أو يقدم نفسه كمؤثر في الرأي العام، وصناع المحتوى تبني خطاب مسؤول يزرع الثقة بدلا من تقويضها، ويحمي الإدراك المجتمعي من الانحراف وتوظيفه نحو حس وطني جامع.
وأكد على العودة إلى جوهر الرسالة الإعلامية من قول للحقيقة، وحماية للوعي، وترميم التماسك الوطني من تحت ركام التحريض والفبركة.

آخر الأخبار
أزمة البسطات في حلب.. نزاع بين لقمة العيش وتنفيذ القانون  جسر جديد بين المواطن والجهاز الرقابي في سوريا  90 مدرسة خارج الخدمة في الريف الشمالي باللاذقية  غلاء الغذاء والدواء يثقل كاهل الأسر السورية بعد تدشين سد النهضة..هل تستطيع مصر والسودان الحفاظ على حقوقهما المائية؟! قافلتا مساعدات أردنية – قطرية إلى سوريا 90 بالمئة من الأسر عاجزة عن تكاليف التعليم الحد الأدنى المعفى من الضريبة.. البادرة قوية وإيجابية.. والرقم مقبول عملية نوعية.. القبض على خلية لميليشيا “حزب الله” بريف دمشق "الإصلاح الضريبي" شرط أساسي لإعادة الإعمار المال العام بين الأيادي العابثة أرقام صادمة .. تسجلها فاتورة الفساد في قطاع الجيولوجيا الأسعار في ارتفاع والتجار في دائرة الاتهام سرافيس الأشرفية – جامعة حلب.. أزمة موقف بين المخالفات ومعيشة الأسر بين الهاتف الهاكر ومواجهة العاصفة الإلكترونية  الشَّبكة السورية لحقوق الإنسان والهيئة الوطنية للمفقودين تبحثان آليات التنسيق عودة اللاجئين السوريين نقطة تحول من أجل إعادة الإعمار انطلاقة جديدة للاقتصاد .. اتفاقية بين "هيئة الاستثمار" ومجموعة الحبتور الهوية في زمن التشظّي الجيوسياسي "أسواق الخير" في جديدة عرطوز.. تنوع في المنتجات وإقبال واسع واقع المياه في ريف دمشق .. تناقص كبير وأعباء ثقيلة