الإرث الترامبي ودفة الدولة العميقة ..هل تغسل واشنطن وجهها برحيل الرئيس؟!

الثورة أون لاين –عزة شتيوي:

في حال خسارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب في الانتخابات القادمة ما هو مصير سياسته بعد رحيله، خاصة أن استطلاعات الرأي والصحف الأميركية بدأت تتحدث عن مرحلة ما بعد ترامب وإرثه السياسي الثقيل داخليا وخارجيا، وخاصة فيما يتعلق بالمجال العسكري والاحتلال ونشر القواعد العسكرية والقطع البحرية أو سحبها في ظل وباء كورونا.
عادة مايطلق على سياسة الولايات المتحدة بأنها سياسة ذات استراتيجية واحدة لكل الرؤساء، وتتحكم الدولة العميقة فيها، ولكنها قد تترك هامشا بسيطا للرؤساء، وهناك أيضا عرف أميركي بتوريث الملفات السياسية من رئيس لرئيس آخر مع تغيير بسيط في سلوك الرئيس الجديد تجاه هذه الملفات, والأمثله على ذلك واضحة في التاريخ الرئاسي للولايات المتحدة الأميركية، وقد تراها في تجربة رونالد ريغان – وقد كان جمهوريًّا – و ادّعى اقتباسه إرث جون كينيدي. وكذلك حال باراك أوباما – ديمقراطيّ – الذي ادّعى انه ورث سياسة ريغان، فمن سيرث سياسة ترامب إذا ما خسر في خريف هذا العام؟.
يرى الكتاب والنقاد والسياسيون أن إرث ترامب السياسي غير مرغوب به أبدا، وقد يكون مطبا سياسيا للبعض، حيث سيسارع الخصوم والمتناحرون السياسيون من اليسار واليمين والوسط الى لصق تهمة ارث ترامب بأي رئيس يخالف مزاجهم السياسي.
هناك من يرى أن ترامب والحقبة التي يطلق عليها اليوم اسم “الترامبية” تعود بالأحداث الى فترة اسمها “المكارثية “والتي نسبت إلى عضو بمجلس الشيوخ الأمريكي في أربعينات القرن الماضي اسمه جوزيف مكارثي، وكان سلوكه على اتهام الخصوم السياسيين بوجود صلة تربطهم “بالمنظمات الشيوعية”، دون إثباتات كافية تدعم الادعاء.
بنى جوزيف مكارثي حياته السياسية – مثل ترامب – على الترهيب وعبادة الشخصيّة، بدلًا عن الإنجازات الملموسة أو الأفكار المتماسكة، ويرى السياسيون أن خسارة ترامب المحتملة في تشرين الثاني) سترجّح استخدام مصطلح “الترامبيّة” باعتباره وصفاً سيئاً.
بدأ فعلا وصف “الترامبية” يظهر بين السياسيين وطبقات المجتمع الأميركي على أنه التعبير عن التعصب والقمع، وقد جمع هذا الوصف فرقاء سياسيين مابين اليسار والوسط، ووحدهم على أن القواعد المؤسسة لبناء الديمقراطية الأمريكية في الحقبة الترامبية مشبعة بالتحيّز العرقي والجندريّ، أي النسائي والطبقي.
ليس السياسيون وحدهم من يتخذون هذا الموقف من سياسة وعقلية ترامب، ففي الرسالة التي نشرتها مجلة هاربر مؤخرًا تحت عنوان: «رسالة حول العدالة والنقاش المفتوح»، والتي حملت توقيع 150 من الكاتبات والكتّاب في الولايات المتحدة وبريطانيا من بينهم المفكر الأمريكي نعوم تشومسكي، والكاتبة مارغريت آتوود وغيرهم من أسماء بارزة.
في هذه الرسالة يصف المؤلفون ترامب بأنه «تهديد حقيقي للديمقراطية»، وبدأت حقبته تترك آثارها ليس على اليمين السياسي بل على اليسار أيضا، فهم يرون أن “الترامبية” ليست مجرد ظاهرة يمينيّة حصريًا.
تتجه الأراء كلها على أن حقبة ترامب حقبة ثقيلة وليس من حظ أي رئيس أميركي لاحق أن يرث ملفاتها أو حتى آثار سلوكها وتداعياتها في الداخل الأميركي أو حتى خارجه .. لكن هل يرث الرئيس الأميركي القادم في كل مرة ملفات سلفه، أم إنها خدعة ديمقراطية وإثارتها ليست إلا محاولة لوضع الديمقراطية على السطح، لكن في أعماق الدولة الأميركية هناك من يخطط لعشرات السنين ويوقع له الرؤساء المتعاقبون على صفحات بيضاء في الخفاء.
فمثلا على صعيد السياسة الأميركية الخارجية، قد تكون أزمة كورونا قد لجمت هيجان ترامب بعض الشيء، وبالتالي تركت لخلفه مجالا لبعض الفرامل السياسية لنهج سلفه الذي وجد بالحروب بكل أشكالها ملاذا للهروب من واقعه الداخلي ولم توقفه جائحة فايروس كورونا عن التخطيط للحروب الخارجية ..لكن من يخطط بالفعل ؟!.
مجلة «ذا نيشن» نشرت تقريرًا لمراسلها العسكري مايكل ت. كلير، تحدث عن آفاق اندلاع حرب في زمن الجائحة، ومدى صعوبة تكيُّف البنتاغون مع عالمٍ تحدق فيه التهديدات البيولوجية – وليست العسكرية – بالأمن الأمريكي.
في 26 آذار حقق فيروس كورونا المُستجد ما لم يستطعه أي خصم لأمريكا منذ نهاية الحرب العالمية الثانية، بإجبار حاملة الطائرات الأمريكية، «يو إس إس ثيودور روزفلت»، على تعليق دورياتها والبقاء في ميناء جزيرة غوام، وإجلاء طاقمها بأكمله تقريبًا، بعد إصابة المئات بالفيروس. ثم تبين أن طواقم ما لا يقل عن 40 سفينة حربية أمريكية أخرى مصابون بكوفيد-19.
بحلول (حزيران)، تمكنت البحرية من إعادة نشر معظم تلك السفن وفق جداول زمنية متأخرة مع أطقم مخفضة. لكن اتضح أن الاستراتيجية الأمريكية الراسخة بالاعتماد على السفن الحربية الكبيرة المدججة بالسلاح لفرض الهيمنة وهزيمة الخصوم لم تعد استراتيجية مستدامة تمامًا في عالم يعاني من الجائحة

وحين أمرت البحرية طاقم حاملة الطائرات ثيودور روزفلت المحطم نفسيًّا بإنهاء الحظر في (أيار) للمشاركة في تدريبات مخطط لها منذ فترة، لتهديد الصين في غرب المحيط الهادئ، كان لابد من ترك ثلث طاقمها في المستشفيات أو في الحجر الصحي في غوام.
الاستراتيجيون الأمريكيون يعتمدون اليوم على وضع مخطط جديد تمامًا للحرب المستقبلية؛ سينهي، أو يقلل إلى حد كبير، الاعتماد على مئات الحاميات الخارجية والسفن الحربية الكبيرة المزودة بطواقم بشرية، لصالح الاعتماد على الروبوتات القاتلة، وعدد لا يحصى من السفن والقواعد البحرية غير المأهولة بعناصر بشرية.
وتشير دراسة هندسة الأساطيل المستقبلية إلى صعود ما يسمى بالحرب الروبوتية البحرية، حيث تجوب أعدادا كبيرة من السفن غير المأهولة (كالغواصات) محيطات العالم، وتقدم تقارير دورية عبر الوسائل الإلكترونية إلى العاملين البشريين الموجودين على الشاطئ أو على سفن قيادة محددة. وربما تعمل هذه السفن غير المأهولة بذاتها لفترات طويلة أو في ما يسمى بـ«قطعان الذئاب» الروبوتية (مجموعة من الغواصات تعمل معًا في ملاحقة قوافل العدو ومهاجمتها).
وتبنت القيادة العليا في البنتاغون مثل هذه الرؤية الآن، إذ ترى أن الشراء السريع لهذه السفن الروبوتية ونشرها هو أضمن طريقة لتحقيق هدف البحرية (والرئيس ترامب) الرامي لتشكيل أسطول من 355 سفينة، والذي سيصبح بحلول عام 2030 غير مأهول تمامًا بأي عناصر بشرية، وفق ما صرح به وزير الحرب مارك إسبر في شهر (شباط).
وللبدء في تنفيذ مثل هذه الخطة الجريئة، طلب البنتاغون 938 مليون دولار للسنتين الماليتين التاليتين لشراء ثلاثة نماذج أولية كبيرة لسفن سطحية غير مأهولة، و56 مليون دولار أخرى للتطوير الأوليِّ لسفينة سطحية متوسطة الحجم غير مأهولة. مايشير الى أن الرئيس ترامب ينفذ استراتيجية أميركا وليس لديه استراتيجية مستقلة عن الدولة العميقة، اللهم إلا في بعض التصريحات والتصرفات التي تصبغ الحقبة “الترامبية” بصبغة مختلفة، إلا أن البيت الأبيض يلون البيض السياسي في سلة استراتيجيته لا أكثر ولا أقل، والحديث عن الحقبة “الترامبية” هو نوع من التناحر السياسي والأجواء التي توحي بأن السياسة الأميركية سياسة ديمقراطية، بينما من يخطط هم من يديرون شؤون واشنطن من دفة الدولة العميقة، لذلك فالحديث عن الإرث الترامبي ليس إلا ضربا من خيال من يرى أن واشنطن قد يغير وجهها رئيس أويبدله آخر

آخر الأخبار
بقيمة 2.9مليون دولار.. اUNDP توقع اتفاقية مع 4 بنوك للتمويل الأصغر في سوريا حمص.. حملة شفاء مستمرة في تقديم خدماتها الطبية د. خلوف: نعاني نقصاً في الاختصاصات والأجهزة الطبية ا... إزالة مخالفات مياه في جبلة وصيانة محطات الضخ  الألغام تهدد عمال الإعمار والمدنيين في سوريا شهادة مروعة توثق إجرام النظام الأسدي  " حفار القبور " :  وحشية يفوق استيعابها طاقة البشر  تفقد واقع واحتياجات محطات المياه بريف دير الزور الشرقي درعا.. إنارة طرقات بالطاقة الشمسية اللاذقية.. تأهيل شبكات كهرباء وتركيب محولات تفعيل خدمة التنظير في مستشفى طرطوس الوطني طرطوس.. صيانة وإزالة إشغالات مخالفة ومتابعة الخدمات بيان خاص لحفظ الأمن في بصرى الشام سفير فلسطين لدى سوريا: عباس يزور دمشق غدا ويلتقي الشرع تأهيل المستشفى الجامعي في حماة درعا.. مكافحة حشرة "السونة" حمص.. تعزيز دور لجان الأحياء في خدمة أحيائهم "فني صيانة" يوفر 10 ملايين ليرة على مستشفى جاسم الوطني جاهزية صحة القنيطرة لحملة تعزيز اللقاح الروتيني للأطفال فيدان: الاعتداءات الإسرائيلية على سوريا تزعزع الاستقرار الإقليمي الجنائية الدولية" تطالب المجر بتقديم توضيح حول فشلها باعتقال نتنياهو قبول طلبات التقدم إلى مفاضلة خريجي الكليات الطبية