الثورة أن لاين – منهل ابراهيم:
استغل المحور الأمريكي في المنطقة الانفجار الكبير في مرفأ بيروت من أجل التحريض على خصومه والسعي لتدويل الوضع اللبناني عبر عقد مؤتمر دولي لجمع مساعدات للبنان والعودة لنغمة الإصلاح السياسي والاقتصادي .
منذ البداية كانت الدول والأطراف الإقليمية والخارجية ومعها الأطراف اللبنانية يدركون أن ما يوجد في مرفأ بيروت ليس سلاحا وكانوا يعلمون أن ما حصل في جزء مهم منه تقصير وإهمام وتم استغلال الحادث المروع ضمن سيناريو يعيد الفوضى إلى لبنان.. وهذا هو المطلب الأهم للولايات المتحدة وكل مهووس بالفتنة والتحريض والكراهية .
لكن بعد أسبوع من الحادث الجلل، أصبحنا نرى دعوات للإصلاح السياسي والاقتصادي وشاهدنا مؤتمرا دوليا دعت إليه فرنسا لجمع مساعدات للبنان.. وهنا لا بد من التوقف عند عدة نقاط.
لم تكن زيارة الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون (أول مسؤول خارجي يصل إلى لبنان بعد الحادث) نابعة من حنان فائض تجاه لبنان بقدر ما كانت نابعة من إدراك باريس بأن الوقت مناسب لإعادة الدور الفرنسي والغربي إلى لبنان عبر الاستفادة من إثارة التحريض ضد الحكومة التي يترأسها حسان دياب وبعض مكونات المجتمع اللبناني.
افرغ ماكرون خلال مؤتمره الصحفي في (قصر الصنوبر ببيروت) ما جاء من أجله مشترطا إجراء إصلاح في النظام السياسي اللبناني للحصول على الدعم والمساندة لإعادة الحياة إلى طبيعتها في البلد المنهك بفعل العقوبات والحظر الأميركيين.
البعد الحاضر في كل هذا هو التركيز على إعادة صياغة ميثاق وطني لبناني جديد، وهذا الأمر يحمل ألغاما كثيرة يجب الانتباه إليها… (لا يمكن استبعاد احتمال أن تكون الاستقالات المتتالية في الحكومة والبرلمان في سياق هذا التوجه الذي يأتي من الخارج وليس من الداخل).
قد لا ينكر أحد ضرورة إعادة هيكلة التركيبة السياسية في لبنان، وفتح الباب أمام إصلاح وتصحيح لمسار الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية.. لكن هذه العملية لبنانية من ألِفِها إلى يائِها.. وبالتالي خروج هذه الدعوة من أطراف خارجية يثير مخاوف من تمرير ميثاق وطني يرسخ تبعية من نوع ما لأي طرف خارجي.
وكان ملفتا تصريح مديرة صندوق النقد الدولي كريستينا جورجييفا بأنه لن تقدم قروض لبيروت بدون إصلاح.
لن يعارض اللبنانيون بكل مكوناتهم إجراء مراجعة للميثاق الوطني ، لكن ليس على أسس يضعها الأجنبي بل على أساس إدراك القوى اللبنانية لحتمية العيش معا والتعاون لإخراج البلد من أزمته الراهنة على كافة المستويات.
كل هذا لا يعني أن المحور الأميركي ومن يدور في فلكه سيتوقف عن التحريض، بالعكس، التحريض هو جزء مهم للضغط باتجاه تمرير الإصلاح الذي يدعيه دونالد ترامب وايمانويل ماكرون .
والثابت أن المحور الأميركي يريد أن يدخل نفسه في متاهة قديمة جديدة من قبيل نزع سلاح المقاومة ونزع بند حق مقاومة الاحتلال الإسرائيلي في البيانات الوزارية.. وهذه محاولة لا شك ستفشل ولن تعطيه مكاسب جديدة .
وفي سياق خلط الأوراق والتشويش والتحريض تداولت بعض وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي خبرا يزعم “وجود أنفاق تحت بقعة الانفجار في المرفأ، تتبع لأحد التنظيمات اللبنانية”.
الجيش اللبناني نفى وجود أنفاق مشبوهة في مرفأ بيروت بموقع الانفجار، الذي وقع الثلاثاء الماضي، وأدى إلى دمار كبير في العاصمة اللبنانية.
الجيش في بيان نشره على موقعه الرسمي قال: “يهم قيادة الجيش أن تنفي نفيا قاطعا صحة هذه المزاعم وتوضح أن الإهراءات تضم مبنى تحت الأرض لإدارتها حيث يتم الوصول إلى غرفة عمليات الإهراءات عبر نفق يمتد من المدخل الشرقي للإهراءات باتجاه الغرب”.
وأضاف البيان: “يتناوب موظفون على مدار الساعة على العمل في غرفة العمليات التي تحتوي على أنظمة تشغيل المصاعد داخل الإهراءات وآلية سحب الحبوب من البواخر”.
وأردف: “تجدد قيادة الجيش دعوتها وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي عدم الانسياق وراء الشائعات والانجرار وراء معلومات غير صحيحة والعودة إلى المعنيين لأي استفسار”.
وزارة الخارجية الإيرانية حذرت من محاولات تيارات سياسية ودول أجنبية استغلال كارثة الانفجار في مرفأ بيروت لتحقيق أهدافهم السياسية.
طهران نبهت أنه يجب النظر بعمق إلى انفجار بيروت ومعرفة أسبابه ولا سيما أن هناك دولا تدعي أنها تدافع عن مصالح لبنان منبها من محاولة تحرك بعض الجهات الخارجية واستغلالها للمتظاهرين اللبنانيين بعد الانفجار لتحقيق أهداف وأغراض سياسية.
وتقول طهران إن الحادث من كان كبيرا ومن الطبيعي أن يستاء الناس وأن تكون له تداعيات ولكن من غير المقبول أن يجعله البعض من الأفراد والمجموعات والدول ذريعة لتحقيق أغراض وخاصة بتحريض من الخارج.
وعلى صعيد الاستقالات تقدمت وزيرة العدل اللبنانية باستقالتها اليوم لتصبح ثالث أعضاء الحكومة في قائمة الاستقالات .