ثورة أون لاين – عبد الحميد غانم:
ليس غريباً ما نشهده من صمود بطوليّ للشعب السوري، وبسالة للجيش العربي السوري في مواجهة الاحتلال الأميركي، والاحتلال التركي، والاحتلال الصهيوني ومرتزقتهم في كلّ جغرافيا الوطن السوري، لأنّ الشعب الصامد في سورية، شعب يملك من فائض الإرادة مايجعله يصمد بوجه فائض الغطرسة الأميركية وإرهاب أدواتها وهو شعب حريص على العمل بجد ونشاط، ولديه العزيمة على إعادة إعمار بلده وإظهاره في أبهى صوره، رغم كلّ ما حصل من دمار وتشريد.
يدرك السوريّون جيداً أنهم لا يعرفون الانكسار أو الهزيمة، فهاتان الصفتان غير موجودتين في قاموسهم، وهم يرفضون الاستسلام والتمزّق والفتنة والتشرذم، والارتهان للخارج لأنّ ما يحرّكهم روح العزة والكرامة والانتماء، ويرفض الشعب السوري التنازل عن حقه في العيش حياة حرّة كريمة، لأنه ملتحم مع أرضه ووطنه، ويمتلك عزيمة لا تلين، وثباتاً يحقّق فيه على الدوام الانتصار تلو الانتصار.
إنّ صمود الشعب العربيّ في سورية، صمود فريد من نوعه، عظيم لا مثيل له في التاريخ، أذهل العالم، حين التحم مع الجيش والقوى الوطنية في معركته المصيرية مع الإرهاب التكفيري، فهو صمود أخلاقي وإنسانيّ، وصمود عسكري وشعبي، إذ أصبحت قصة الصمود السوري مثاراً للجدل والتحليل في كل مراكز البحوث الدولية وفي كل المستويات، لمعرفة أسباب فشل مخطّطات إسقاط الدولة السوريّة، رغم توفير كلّ مستلزمات العدوان من دعم عسكري وإعلامي واقتصاديّ واستخباراتيّ، إلا أنّ أسباب الصمود والثبات كانت أقوى بكثير من كلّ أسباب القوة التي وفّرتها القوى المعادية لسورية العروبة، فكانت قوة الجيش العربي السوري وقدرته على مواجهة كلّ أشكال الاستهداف، التي واجهته، وكانت قوة هوية الشعب الحضارية التي تجمع ولا تفرّق، فلا وجود لدى ثقافة الشعب العربي السوري للطائفيّة أو المذهبيّة أو العرقيّة، وهو يمتلك روحاً وطنية عالية، ولديه رئيس صلب الإرادة، وقائد مقاوم، استطاع أن يصمد بوجه العدوان على بلده وشعبه، ورفض كل الضغوطات، ولم ترهبه تهديدات الأعداء، بل ازداد ثباتاً في وجه العدو والمؤامرة، وأكمل المسيرة مسكوناً بالتحدّي الذي يُحسب له، والذي يؤكّد من خلاله أنه لن يفرّط في سورية الدولة، ولن يتخلّى عن شعبها الأبيّ.
هكذا تربّى السوريون، أن تكون نفوسهم أبيّة، قويّة، كريمة، تأبى الذلّ والظلم والهوان، ملؤها الإرادة والتصميم والثبات، لا يفتُّ من عضدها الآلام، ولا تتأثر بكثرة الضعفاء من حولها ولا بكثرة الأعداء من أطرافها، فمنهم الوليـدُ ومِـنّهم الرّشـيدْ، فلـمْ لا يَسُـودُون ولِمْ لا يشـيدون، كما هي ثوابت نشيدهم الوطني.