ثورة أون لاين – بقلم رئيس التحرير علي قاسم :
يحصي الإرهاب سكاكين حقده، ويشحذ رعاته وحاضنيه وداعميه سواطير توحشهم ، وتتقاطع على مقبض الدم أصابع الظلامية بخلطتها الوهابية التكفيرية وقاعدتها الظلامية لتسجل فصولاً من التورم،
واستطالات من التشفي والضغينة، والعالم المسكون بريبة الحسابات وشبهة المعادلات يستفيض في تثاؤبه على مجرى الموت القادم.
تتساقط آخر الأوراق، وتقامر الدول الداعمة للإرهاب إقليمياً ودولياً برصيدها الأخير، بعد أن بدا الوقت ضاغطاً عليها، كما هو ضاغط على مشغليها أوروبياً وأميركياً وإسرائيلياً، وبدت بصماتها على التنظيمات الإرهابية أشد وضوحاً في الدموية غير المسبوقة التي تدشن من خلالها الزعامة الإقليمية الجديدة للمجموعات الإرهابية حضورها وتفرّدها في قيادة الإرهاب الدولي.
«الزعيم» الجديد أراد أن يؤكد أن ما سبق لأسلافه أن قدموه لم يكن سوى عينة، ولا يصلح بمعيار زعامته للقياس عليه، ومن ثمّ على الغرب المتمهل أن ينتظر المزيدليتأكد أن الوكالة التي مُِنحَها في رعاية الارهاب لن تذهب سدى، وخان العسل شاهد أولي.
في لحظات ما قبل الإفلاس، تبدو المعايير متضاربة ومتناقضة، لكنها في قياس قادة الإرهاب ومتزعميه إقليمياً دولياً فرصة لإعادة عقارب الساعة إلى الوراء، ومساحة إضافية لبعض الوقت، من أجل مزيد من الدم السوري على قربان الفجيعة بالنظام العالمي وبدوله وقوانينه وعلاقاته.
الجريمة الإرهابية الجديدة تأتي في وقت تحتاج فيه الاصوات المطالبة بتوحيد الجهود لمواجهة الإرهاب الدولي أن تكون اوضح وأعلى، وأن تسمى الأشياء بمسمياتها.
وبالتوازي معها يحتاج العقل الغربي أن يرتب قراءاته المتباينة للتقارير الاستخباراتية والإعلامية الغربية التي تحذر من موجة مد عاتية وعابرة للإرهاب الدولي إلى بقاع خارج نطاق التوظيف الإقليمي المسكوت عنه.. تواطؤاً أو قلة حيلة، وهي تترجم مخاوف وهواجس فعلية من تكرار تجربة القاعدة على نحو أكثر كارثية.
ما يؤجج هذه المخاوف وما يشير بوضوح إلى الأصابع والأيادي والأرجل والعقول التي تقف خلف مجزرة خان العسل، كان القرار الأميركي العلني والصريح توكيل السعودي بقيادة الإرهاب الدولي، وهو توكيل يفتح على مصراعيه تداعيات تجربة مريرة تعيد إلى الأذهان ما وصلت إليه القاعدة، خصوصاً أن الأشخاص أنفسهم الذين تواصلوا ودعموا ومولوا تنظيم القاعدة هم الآن على رأس فريق سياسي واستخباراتي داخل العرش السعودي يعيد تنظيم صفوف القاعدة والجبهات والتنظيمات التي توالدت بالنسب أو الحسب بشهوة الدم أم بفطرة التوحش.
في الصورة الافتراضية تبدو الخطوة أبعد من مدارك القائمين على دعم الإرهاب، حيث الأصوات التي تدعو إلى محاسبتهم لاتزال خافته حيناً وصامته أغلب الأحيان ، لكن على الأرض ثمة خيارات واحتمالات تتعدد بتعدد ألوان الطيف الدولي وقواه واتجاهاتها على قاعدة المصالح وتقاطعاتها، خصوصاً أن الغرب لم يخفِ يوماً تشابك أيديه بأيدي الارهاب، وتلاصق خطواته معه.
على المستوى الإقليمي لا تبدو الصورة كذلك وليست مؤهلة بالأساس لأي مقاربة على هذا النحو لاعتبارين أساسيين الأول يتعلق بأن جزءاً من النظام الإقليمي بدوله وحاكميه متورط في دعم الإرهاب، وممارساته استجابة قسرية تمليها شروط الالتزام بما تقتضيه المصالح الغربية، ومنفذاً أميناً لمطالبها وإملاءاتها، والثاني يرتبط بتحول الساحة الإقليمية بمختلف دولها إلى ساحة شاسعة يرتع فيها الإرهاب ويتفشى بدعم وتمويل واحتضان غربي إقليمي، بل بعض هذه الدول بات وجوده يرتبط بوجود الإرهاب وينمو في علاقاته الإقليمية والدولية على هذا الارتباط.
خان العسل مجزرة إرهابية تضاف إلى لائحة طويلة من لوائح الإرهاب الممتدة، لكنها تفتح الأفق نحو مساءلة حقيقية لتلك الأصوات الباحثة عن دعم الإرهابيين تسليحاً وسياسة، والرسائل السورية ليست تسطيراً بروتوكولياً، بل هي أدلة وقرائن وتترتب عليها مسؤوليات.. فالدم السوري لن يبقى مزاداً للصراع ولا ملعباً تتقاذف الكرات فيه قوى الارهاب وداعموها وممولوها، والقبضة السورية كما هي قدم الجندي العربي السوري تتقن حركاتها في ملعب الآخرين وتعرف زواياه ومساحاته والأهم انها تجيد الوصول الى مرماه..
خان العسل.. فتحت البوابات المؤجلة وأماطت اللثام عن الأسئلة المسكوت عليها، وأباحت الحديث عن المحظورات، والاهم انها لم تترك بعد اليوم مايمكن المواربة عليه أو غض الطرف عنه هنا.. او هناك.. او حيثما تقتضي الساحات ان تكون المواجهة
a.ka667@yahoo.com