ثورة أون لاين – ديب علي حسن
(مرت سنوات وأنا في قلب الإخوان، رأيت فيها أفكاراً ترتفع وأفكاراً تتهاوى، شخصيات حملت الجماعة، وشخصيات حملتها الجماعة كان في ظني أن التنظيم ماهو إلا وسيلة لتوجيه طاقات الفرد الإبداعية وتنميتها، فإذا به وسيلة لتكبيل الفرد في سلسلة بشرية طويلة أشبه ماتكون بسلسلة العبيد التي كانت تحمل إلى أميركا من بداية القرن السادس عشر..
عبودية التنظيمات الحديدية هي أشد وأنكى من عبودية ( كونتا كنتي) إذ إنها عبودية الأجساد والأرواح والأنفس..)
عبودية التنظيمات الحديدية هي أشد وأنكى من عبودية ( كونتا كنتي) إذ إنها عبودية الأجساد والأرواح والأنفس..)
ليس مقطعاً أو اقتباساً من رواية ملحمية تصف الظلم والطغيان والجور بروح ثورية متمردة، بل هو مقطع مستل من كتاب:( سرّ المعبد) لأحد الخارجين من كهوف( الإخوان المسلمين) ثروت الخرباوي..
أليس أهل مكة أدرى بشعابها.. بهضابها ووحشة طرقها ووعرتها «الإخوان المسلمون» داء الأمة ووبالها الذي لابرء منه إلا بعمل جراحي حقيقي يستأصل شأفتهم من جذورهم، وهم الذين استباحوا الأمة ماضياً وحاضراً ومستقبلاً.
على امتداد مساحة الوطن العربي حيث زرعوا أفكارهم الخبيثة نبتت أعشاباً شيطانية ألقت بذوراً مدمرة ومهلكة، فالوطن الذي عانى من عقابيل سايكس/ بيكو وإسرائيل الكيان الهجين، ومازال يدفع فاتورة ذلك وهاهو اليوم المستهدف لاستكمال ماكان من قبل ( الجماعة) وأي جماعة…؟
من يدعون أنهم يحملون الإسلام نوراً وعقيدة، فإذا بكل ماراكموه من وهم اخترق عقول الكثيرين ينكشف فجأة، وهم يعلنونه ، بلا مواربة ولاخجل.. عبودية الفكر والروح والجسد زرعوها وأرادوها لتنظيمهم أولاً، ولمن أمدوهم بأسباب الحياة والوجود ثانياً، الاستعمار البريطاني أولاً صاحب ولادة تنظيمهم، ومن ثم الولايات المتحدة الأميركية الراعية الرسمية لربيعهم الدموي..
في المشهد العام الذي تكشف عن عريهم وعمالتهم تبدو الوقائع أكثر من صادمة لمن لايعرف تاريخهم، أو يتعرض لمحن مؤامراتهم، نحن هنا في سورية، عرفنا ذلك وخبرناه، وكان أن حذرنا الأشقاء قبل غيرهم من هذا السرطان الذي لابرء منه إذا وقع واستفحل.. ولكن التحذير كأنه كان في مهب الريح..
ولكن ماالذي يجري الآن وقد عرف الشعبان العربيان المصري والتونسي وذاقا ويلات ماأعده هؤلاء المتآمرون.. اغتيال لكل صوت عروبي أصيل، وبيع للقضية الفلسطينية، وارتهان للغرب ولربيبته إسرائيل، وقبل هذا وذاك تدمير البنى الأساسية لمقومات الدولة وأولها الجيوش المدافعة عن الأمة ووجودها…!!
الشعب العربي في مصر قال كلمته واستعاد ثورته من أجل مصر العروبة، وفي تونس مشهد اليقظة ذاته، فلم يعد ماقبل اغتيال البراهمي كما بعده، الصورة واضحة جلية، سقوط مدوٍ «للجماعة» وتجربتهم.
والحقيقة المرّة في هذا الكابوس الطويل أن الذي لم يستطع العدو الخارجي أن يحققه يعمل هؤلاء على تنفيذه وتقديمه على طبق من ذهب، وباسم « الدين والإسلام» لقد ظهر المعبد كهفاً تعشش فيه طيور الظلام وأفاعي سمّها لابرء منه.. وقد حان أن تطهر الأمة من هذه الأفاعي ولتشرق شمس جديدة تضيء كل الكهوف …
d.hasan09@gmail.com