كيف تستطيع أن توفر ولو قليلاً من دخلك المتواضع، أو كيف تستثمر المبلغ الصغير من المال الذي تملكه في مشروع يعود عليك بدخل إضافي تكمل به مصروف شهرك؟ أو كيف تصبح من أصحاب الثروات بين عشية وضحاها؟ أفكار تراودنا جميعاً على مدار الساعة.
تطرح هذه الأفكار على أسرتك، حتى تدخل إلى حياتهم جرعة أمل وفرح، ولكن عند التطبيق تصبح سراباً، أي لا يمكن أن توفر من راتبك، ولا أن تصبح مليونيراً، بل تزداد فقراً وبؤساً أكثر من السابق ؟!.
هذا ملخص لحياتنا اليومية، وما نعيشه من ضنك العيش ومشاق الحياة نحن وأسرنا دون أن يكون هناك بصيص أمل في تحسينها مهما اجتهدنا في العمل، لأن الغلاء والتضخم أكل الأخضر واليابس، ولم يعد لدينا شيء لنوفره أو لنستثمره.
ولم يعد أمام هذا المواطن إلا مؤسسات وإدارات الدولة الخدمية والتنموية والصحية لتنجده، وتقدم له خدماتها بما يتلاءم مع دخله ولكن للأسف هناك الكثير من وزارات ومؤسسات الدولة سلكت طريق القطاع الخاص، بتحقيق أرباح ووفورات وردها إلى خزينة الدولة، ولو كان ذلك على حساب صحة المواطن ودخله المتواضع، والأمثلة على ذلك كثيرة.
فوزارة الصحة تحاول التوفير من خلال عدم شرائها لأدوية الأمراض المزمنة، وتركها للمرضى الفقراء تحت رحمة سوق الأدوية السوداء، إضافة إلى تعطل ونقص في الأجهزة الطبية بعدد لا بأس به من المشافي.
وزارة التجارة الداخلية حققت وفورات أيضاً من خلال تطبيقها للبطاقة الذكية على الخبز والسكر والرز، ولا ضير إذا انتظر المواطن الساعات الطوال أمام صالاتها ومجمعاتها ليحصل على مخصصاته في زمن انتشار وباء كورونا؟!.
وزارة التعليم العالي حققت وفورات أيضاً من خلال رفعها المتواصل لمعدلات القبول الجامعي، ودفع الطلاب إلى أحضان الجامعات الخاصة والموازي ؟!.
وبعض المؤسسات وفرت أيضاً من خلال إلغاء توصيل موظفيها إلى مكان عملهم وإعادتهم إلى منازلهم، ومنعت عنهم أدوات العمل سواء المكتبية وغير المكتبية، كل هذا يجري تحت بند التوفير في موازنة الوزارة أو المؤسسة.
لا أحد ضد التوفير أو أن تكون مؤسسات الدولة رابحة، ولكن في هذه الظروف الاستثنائية التي يعيشها المواطن من حرب وتهجير وغلاء وتضخم، فلا ضير أن تعود الدولة إلى سيرتها الأولى كراعية لهذا المواطن.
عين المجتمع- ياسر حمزه