لم يتوقف مسلسل رفع أسعار الأدوية، حاله كحال بقية السلع الأساسية والمبررات موجودة دائماً، فالغرض الأساسي من رفع أسعار الأدوية هو تأمينها بحسب التصريحات الصادرة عن نقابة الصيادلة، وقد شمل الرفع هذه المرة الصادات الحيوية وأدوية الالتهاب، حيث ارتفعت أسعار هذه الأصناف بنسبة تتراوح بين 30-40% علماً أنّها كانت قد ارتفعت مسبقاً مع زيادة أسعار الأدوية بنسبة 30% نهاية العام الماضي، وكذلك تمّ رفع سعر بقيّة أصناف الحليب.
ولكن ما يدعو للقلق، وهذا كلام الناس المرضى وبعض الصيادلة، أنه برغم ارتفاع سعر الدواء إلّا أنه لا يتوفّر بكميات كافية ومتواترة.
تعزي نقابة الصيادلة سبب الارتفاع إلى ارتفاع تكاليف تصنيع الدواء، وارتفاع تكاليف الشحن في استيراد المواد الأولية، إضافةً إلى توقف بعض شركات الصرافة عن تمويل عمليات الاستيراد بالسعر المدعوم من قبل الحكومة.
ولكن هل هذه الحجج تبرر هذا الارتفاع المستمر والمفتوح للسّلع الدوائية؟ على الرغم من محدودية فعالية العديد من الأدوية.
هذا الطلب المتواتر برفع أسعار الأدوية أو التهديد بإيقاف عمليات تصنيع الدواء، سوف تدفع المريض المضطر لهذا الدواء إلى اللجوء إلى السوق السوداء، وبالتالي عودة الازدهار لأسواق الدواء المهرب والمجهول المصدر وغير المراقب صحياً.
والمفارقة المؤلمة هو تفاوت سعر الدواء الواحد بين صيدلية وأخرى في بعض الأحيان، أي أصبح سعر الدواء المعمم من وزارة الصحة يخضع للتلاعب من بعض الصيادلة مع تزايد حظوظ الأدوية المهربة التي راج سوقها بشكل أكبر مما سبق، لكن مع أسعار فلكية، أي أن الصيدلي لم يعد يمارس مهنة الصيدلة بل أصبح تاجر أدوية، والدواء أصبح سلعة تجارية من قبل بعض المستودعات والمستوردين والمنتجين، برفع سعره مرة واحتكاره مرة أخرى.
إن شح الدواء ورفع سعره المتواصل ينذر بوضع صحي خطير على المواطنين المرضى وغير المرضى، وخاصة أن هذا المواطن لم يعد يستطيع أن يحافظ على صحته، في ظل ظروف معيشةٍ غير صحيّة وبسبب تردي الوضع الحياتي المستمر.
عين المجتمع -ياسر حمزه